تواضع
حاكمٍ، وشموخ عالم
ذات سنة قدم سليمان بن عبد الملك مكةَ حاجاً...فلما أخذ يطوف طواف القدوم ؛ أبصر سالمَ بنَ عبد الله يجلس قُبالة الكعبة ... ويحرك لسانه بالقرآن ... وعَبَرَاتُهُ تَسِحُّ على خديه سحّاً ، حتى لكأن وراء عينيه بحراً من الدموع . فلما فَرَغ الخليفةُ من طوافه ، وصلى ركعتين سنة الطواف ؛ توجه إلى حيث يجلس سالمُ بن عبد الله . فأفسح الناس له الطريق حتى أخذ مكانه بجانبه ، وكاد يمس بركبتِه ركبتَه . فلم يتنبه له سالم ولم يلتفت إليه ، وطفق الخليفة يرقب سالماً فلما واتته الفرصة مال عليه وقال : السلام عليك يا أبا عمر ورحمة الله . فقال : وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته .
ذات سنة قدم سليمان بن عبد الملك مكةَ حاجاً...فلما أخذ يطوف طواف القدوم ؛ أبصر سالمَ بنَ عبد الله يجلس قُبالة الكعبة ... ويحرك لسانه بالقرآن ... وعَبَرَاتُهُ تَسِحُّ على خديه سحّاً ، حتى لكأن وراء عينيه بحراً من الدموع . فلما فَرَغ الخليفةُ من طوافه ، وصلى ركعتين سنة الطواف ؛ توجه إلى حيث يجلس سالمُ بن عبد الله . فأفسح الناس له الطريق حتى أخذ مكانه بجانبه ، وكاد يمس بركبتِه ركبتَه . فلم يتنبه له سالم ولم يلتفت إليه ، وطفق الخليفة يرقب سالماً فلما واتته الفرصة مال عليه وقال : السلام عليك يا أبا عمر ورحمة الله . فقال : وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته .
فقال الخليفة بصوت خفيض :
سَلْنِي حاجةً أقضِها لك يا أبا عمر ، فلم يجبه سالمٌ بشيء؛ فظن الخليفة أنه لم
يسمعه ، فمال عليه أكثر من ذي قبل وقال : رغبت بأن تسألني حاجة لأقضيها لك، فقال
سالم : والله إني لأستحي أن أكون في بيت الله عز وجل ؛ ثم أسألَ أحداً غيره . فخجل
الخليفة وسكت ، لكنه ظل جالساً في مكانه . فلما قضيت الصلاة ، نهض سالم يريد المضي
إلى رحله؛ فلحقت به جموع الناس: هذا يسأله عن حديث من أحاديث رسول الله صلوات الله
وسلامه عليه، وذاك يستفتيه في أمر من أمور الدين ... وثالث يستنصحه في شأن من شؤون
الدنيا ... ورابع يطلب منه الدعاء ... وكان في جملة من لحق به خليفة المسلمين
سليمان بن عبد الملك ، فلما رآه الناس ، وسعوا له حتى حاذى مَنكِبُه مَنكِبَ سالم
بن عبد الله ... فمال عليه وهمس في أذنه قائلاً : ها نحن أولاء قد غدونا خارج
المسجد ، فسلني حاجة أقضها لك . فقال سالم : من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة ؟
. فارتبك الخليفة وقال : بل من حوائج الدنيا ... فقال له سالم : إنني لم أطلب
حوائج الدنيا ممن يملكها ؛ فكيف أطلبها ممن لا يملكها ؟ . فخجل الخليفة منه
وَحَـيَّـاه ، وانصرف عنه وهو يقول : ما أعزكم آل الخطاب بالزهادة والتقى ؟ ...
وما أغناكم بالله جل وعز !! ... بارك الله عليكم من آل بيتٍ .
***********************
***********************