جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
عيسى مزوارنادي البيانSi Naceur Abdelhamid

خطط إدارة الأزمات بين المعالجة والتأزم : الأزمة الوبائية نموذجا

 

خطط إدارة الأزمات بين المعالجة والتأزم : الأزمة الوبائية نموذجا    

خطط إدارة الأزمات بين المعالجة والتأزم : الأزمة الوبائية نموذجا    


 في إطار نشاطاته الثقافية ، نظم نادي البيان ، تحت إشراف مديرية الثقافة والفنون لولاية معسكر ، صباح يوم السبت 20 مارس 2021 ، ابتداء من الساعة العاشرة ، محاضرة الأسبوع 90 ، بقاعة المحاضرات لدار الثقافة أبي رأس الناصري ، قدمها البروفيسور غماري طيبي ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين تموشنت ، تحت عنوان " خطط إدارة الأزمات بين المعالجة والتأزم : الأزمة الوبائية نموذجا".

أدار هذا اللقاء باقتدار الأستاذ أحمد صرصار ، الذي حيا في البداية السيدات والسادة الحضور ورحب بالأستاذ غماري طيبي ، الذي عودنا ، يقول المنشط ، على الجديد في موضوعاته وعلى الجدية في الطرح والشرح واستلهامه للأفكار الحية ، مرحبا به أخا كريما في نادي البيان ومرحبا بنا على مائدة ما أعده لنا في هذه المداخلة . ثم أعطى بطاقة مختصرة عنه ، فهو :

_ حاصل على شهادة الماجستير والدكتوراه في الأنتروبولوجية  من جامعة تلمسان .

_ عمل أستاذا محاضرا في قسم علم الاجتماع ثم عميدا لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة مصطفى اسطنبولي بمعسكر .

_ الآن ، أستاذ محاضر بجامعة عين تموشنت .

_ له مقالات كثيرة وأبحاث متعددة نشرت في مجلات علمية وطنية ودولية .

_ له مشاركات في ملتقيات علمية داخل وخارج الوطن .

_ ألف عددا من الكتب .

 



  بعد أن أعطيت الكلمة للمحاضر ، وجه شكره الجزيل لنادي البيان وللحضور المواظبون على حضور ندواته الثقافية والعلمية التي ينظمها . ثم قال : سأحاول اليوم أن أطرح مجموعة من الأفكار للنقاش حول موضوع مازلنا نعيش وسط آثاره ومخلفاته . وفكرة مداخلتي هذه تتمحور حول كيفية إدارة الأزمة والأخطاء التي يمكن أن تحدث أثناءها والتي يمكن أن تؤدي إلى أزمات أخطر من الأزمة الأصلية ، في النقاط الأساسية التالية :

أولا : الأزمة

تكلم المحاضر في هذا الجزء الأول من مداخلته عن الأزمة . فقام بتعريفها وتعريف إدارتها ثم تطرق إلى خصائص الأزمات المعاصرة ، على النحو التالي :

1 تعريف الأزمة : هي تغير مفاجئ يتطور في فترة زمنية ، ينتج عنه مشكلة تحتاج بدورها إلى تدخل يساعد على تجاوز أثارها .

وحسب إدارة الأعمال والمهارات للمملكة المتحدة ببريطانيا ، فإن الأزمة هي وضع غير طبيعي خارج عن الأنشطة اليومية يهدد سير وسلامة سمعة الأنظمة . وعند هذه العبارة الأخيرة ، توقف المحاضر . وقال بأن الأزمة ، حتى وإن كانت أثارها مرتبطة مباشرة بالأفراد أو بالمؤسسات ، فهي ، في نهاية المطاف ، تعود سلبا أو إيجابا على الدولة ككل . وطريقة معالجة الأزمة تكون مؤشرا مهما لفهمها ونتائجها ، تكشف لنا هل نحن أمام دولة أو لا دولة . لقد أثبتت الصين ، انطلاقا من معالجتها لأزمة الكوفيد و تحكمها بسرعة في هذه الأزمة ، بأنها فعلا دولة قوية رغم تعداد سكانها البالغ مليار و600مليون نسمة .

2 تعريف إدارة الأزمة : تتمثل إدارة الأزمة في الجهد المبذول في تنسيق مجهودات مختلف الجهات حتى تصل في نهاية المطاف إلى تحقيق الهدف المتمثل في الحد من أثار الأزمة أو القضاء عليها أو حل المشاكل المرتبطة بها .

3 خصائص الأزمات المعاصرة : من خصائص أزمات العصر الحديث ، ذكر المحاضر ، مايلي:

حجم الانتشار الغير قابل للتوقع : كانت الأزمات في القديم تظهر في مكان ما وتبقى فيه . أما الآن ، نتيجة تطور وسائل النقل والاتصال ، أصبح من غير الممكن توقع انتشار أزمة من أي نوع كانت . مثلا : وباء كوفيد 19 ظهر بمنطقة ووهان وسط الصين وكان انتشاره فيما بعد غير متوقع في كل بلدان العالم.

تولد أزمات جديدة : تؤدي الأزمة ، سواء في طريقة معالجتها أو انتشارها ، إلى أزمات أخرى كثيرة ومختلفة . فإذا حدثت في دولة من العالم تتضرر منها باقي الدول نتيجة الارتباطات الاقتصادية بين هذه الدول وكذا التطورات التي عرفها العالم المعاصر . مثلا : زلزال اليابان أدى إلى مشكل نووي . وزلزال بومرداس بالجزائر ولد أزمة أخرى تعلقت بالفساد في التعمير والبناء . فحسب الخبراء ، الزلزال لا يقتل وإنما عدم احترام المعاير في البناء هي التي تقتل .

هي عابرة للحدود : لم تعد أزمات خاصة بدولة معينة ، وإنما أصبحت عابرة للحدود . وأعطى المحاضر أمثلة على ذلك منها أزمة منطقة الساحل التي أصبحت تهدد أوروبا نتيجة الهجرة السرية . وصناعة السيارات على أثر توقف مصانع صناعة قطع الغيار المتمركزة في أغلبها في مناطق الحجر الصحي بالصين في بداية جائحة كورونا . ومع عودة هذه المصانع للإنتاج ، عادة هذه المصانع إلى عهدها الأول .

تخلق مشاكل جديدة : فإجراءات محاولة حل الأزمة ، يمكن أن تخلق مشاكل جديدة . لقد لاحظت بعض الدراسات التي تمت أثناء فترة وباء كوفيد 19 ، بأن الحجر الصحي ولد مشاكل أخرى ودفع بالناس إلى البقاء في منازلهم وإلى استعمال الانترنيت أكثر من السابق ، فأدى إلى الإدمان عليه . كما أعطى لشبكات الإجرام والتجنيد ( الإرهابية أو التهريب ) إمكانيات لاصطياد أكثر وتجنيد أكبر . ولم يتنبه مسيرو الأزمات إلا بعد أن لاحظوا تزايد عدد المجندين في هذه الشبكات الإجرامية .

أصبحت أكثر تعقيدا : لم تعد الأزمات مرتبطة بوضع محدد وإنما بأزمات أخرى . وأصبح هناك تداخل بين : السياسي ، الصحي ، الاقتصادي ...إلخ . ولا يمكن التحكم في هذه الأزمات بسهولة فتعقدت الأمور .

مدى قدرة الحكومات على إدماج كل الفاعلين : إن الأزمات الحديثة تتطلب تدخل العديد من الفاعلين ، المؤسسات ، والجهات . وإبعاد أو نسيان أحد الفاعلين ، لا ربما تكون له آثار سلبية في طريقة معالجة الأزمة .

نجاح تسيير الأزمات مرتبط على قدرة توقعها : ينجح مسيرو الأزمات إذا كانت لهم القدرة على توقعها . ولا يكون ذلك إلا بالبحث العلمي والابتكار .ومن المؤسف ، يقول المحاضر ، في الجزائر ، الجامعات ، التي تعد 98 مؤسسة بالإضافة إلى مراكز البحث، تنتج فقط غسول اليدين ، الذي لا يحتاج إلى مخبر ، أثناء أزمة كوفيد 19 . في الوقت الذي كان من الضروري أن نفكر في استغلال المعطيات المتاحة سواء بمخابر التحاليل العامة أو الخاصة ، لتطوير رؤية خاصة بالحالة الجزائرية ، لأن الفيروس يتطور ويتبدل وأصبح له هويات خاصة به : بريطاني ، جنوب إفريقي ، برازيلي ، فرنسي . والغريب في الأمر ، يضيف المحاضر ، أن الجامعة الجزائرية ، مثل الكثير من القطاعات ، لديها عزوف رهيب عن البحث في مجال هذا الوباء وأثاره الاجتماعية.

ثانيا : التجربة الجزائرية في معالجة أزمة الكوفيد

بحث البروفيسور غماري طيبي ، في هذا الجزء الثاني من محاضرته ، مخطط معالجة أزمة الكوفيد بالجزائر ، في مجموعة من النقاط رأى بأنها مهمة ، نلخصها كمايلي :

1 تسير المعلومة : الإعلام والاتصال

في اعتقاده ، يجب أن يكون هناك إعلام واتصال خاص بالأزمة يطلق عليه بالإعلام أو بالاتصال الأزماتي مثل ما هو موجود في الدول المتطورة ، لأن هناك وضعية خاصة تتطلب اتصالا خاصا . وهذا النوع من الإعلام يحتاج إلى تكوين قبلي ، فهو يساهم في تعريف الأزمة ، تحديدها ، وتحقيق الأهداف المرجوة من إدارتها ويعتمد على اختيار الوقت والطريقة لإعلام الناس . وكل تأخير في هذا الشأن ، معناه التأخير في معالجة الأزمة والمشاركة في تفاقمها . وعليه , فالاتصال الأزماتي مطالب ب :

منع التهويل وكبح التهوين :أي إعلام المواطن بالأزمة دون تهويل أو تهوين من شأنها. لا يستطيع القيام بهذه المهمة إلا إعلامي مدرب على هذا النوع من الإعلام الذي لا يجعله يخاف كثيرا ولا يتساهل كثيرا . في الحالة الجزائرية انقسم الناس إلى فئتين : الأولى اعتبرت المرض خطيرا سيؤدي إلى فناء البشرية ، والثانية قالت بأنه لا وجود لهذا الوباء أصلا . ودور الإعلام، في هذه الأزمة ،هو أن يقدم رسالة إعلامية لا تسمح برفع أسهم الفئة الأولى ولا تصفق للثانية , أي لا تهون ولا تهول . في الجزائر ، في بداية الأزمة أدى التهويل إلى أزمات تعلقت بالمواد الغذائية ، العمل ...إلخ . في معالجة الأزمة الوبائية إعلاميا ، يجب على الإعلامي أن يعرف الفرق بين الإفراط والتفريط ويطرح القضية طرحا موضوعيا وعقلانيا يسمح بتحقيق الأهداف المرجوة من إدارة الأزمة .

محاربة الشائعات : هناك الكثير من الطفيليات الإعلامية ، المتواجدة حول المؤسسات الإعلامية الرسمية ، تنشر الإشاعات والأخبار الزائفة عن حالة الوباء , سواء من حيث التعريف بها ، علاجها ، أو الظروف المحيطة بها . ولإعلام الأزمة دور في محاربة هذه الإشاعات وتصحيح الرؤية فيما يخص الأرقام والإحصائيات.

اللجنة العلمية لمتابعة وباء الكوفيد 19 : فهي تخلو من إعلامي وكل أعضائها مختصون في الأوبئة . وهذه نقطة من النقاط السلبية التي تسجل على هذه اللجنة . وهذا يعني أن رسالتها الإعلامية لم تكن مدروسة بشكل جيد ومن طرف أخصائي . فالمعلومات التي تقدمها قليلة وطريقة عرضها أصبحت روتينية مملة لا يهتم بها الناس. وهذا يعني أننا في حالة عادية ولم نعد نشعر بأننا في أزمة . وهذا يساعد على انتشار المرض . وعليه ، فطريقة تسيير المعلومة بالنسبة لهذه اللجنة تحتاج إلى تقيم وإلى أخصائيين في هذا المجال .

الناطق الرسمي لهذه اللجنة : حسب المحاضر ، يجب أن يختار الناطق الرسمي من بين المختصين في إعلام الأزمة ، لا شخصا يجيد الحديث باللغتين : العربية والفرنسية ومختص في الأوبئة . وهذا نقص كان من الضروري الانتباه إليه . وذكر قول الفيلسوف سقراط " تكلم حتى أراك " . كما وجه نقده إلى الفترات الإخبارية لهذه اللجنة وهي نشرة واحدة . بالنسبة له الوقت مهم جدا . أيضا ، أبدى ملاحظاته حول المعرفة الدقيقة للمتلقين للمعلومة . فالإعلامي الناجح يعرف الأشخاص الذين يتكلم معهم ليستطيع قول ما يريد وما لا يريد قوله لهم .

تقييم المخطط الاتصالي : إن مسألة تقييم مخطط إدارة الأزمة مهمة وضرورية مرة كل شهر أو شهرين ، للإطلاع على مدى نجاعة الإجراءات المتخذة وتحقيق أهدافها .

2 الإحصاء : أستهل أ.د غماري طيبي ، في تحليله لهذه النقطة في إدارة الأزمات ، بمقولة أعجبته مكتوبة بالمراكز الصحية تقول : لا نستطيع تحسين مالا يمكن قياسه . وهذا معناه أن الإحصاء مهم وضروري . إن كان الإحصاء لا يعالج الأزمة ، فهو وسيلة مهمة تسمح للمعالج معرفة ماذا يريد وما سيفعل لهذه الأزمة . وبما أنه علم مزاجي ( يخضع لمزاج واضعه ) ، فمسألة التلاعب بالإحصائيات مسألة خطيرة لمعالجة الأزمة . فهناك دول تقدم إحصائيات حقيقية وأخرى تتلاعب بها .

three نقد تشكيلة اللجنة العلمية لمتابعة الوباء : تتكون هذه اللجنة من 11 عضو مختصين كلهم في الأوبئة. ولا يوجد أي مختص في قطاع آخر رغم أن الأزمات أصبحت معقدة وتتطلب تدخل العديد من الجهات والقطاعات: الاقتصاد ، علم الاجتماع ، علم النفس ، الإعلام ، الإحصاء وحتى الأمن . من المفروض أن ممثلي كل هذه القطاعات تكون لهم مكانة فيها لمتابعة ومعالجة الأزمة .

4 خلط بين الصحي والسياسي في عملية تسيير الأزمة : في بداية الأزمة، نتيجة لبعض الصراعات بين المرضى والأطباء ، سارعت الدولة إلى سن قانون لحماية الأطباء . في اعتقادي ، يقول المحاضر ، هذه معالجة ارتجالية وهي رد فعل أكثر منها فعل . فهذا القانون كان يجب أن لا يكون ، لأنه سيفتح الباب لفئات أخرى مثلا عمال البريد أن تطالب بقانون خاص بها حتى لا تكون عرضة للاعتداء. من المفروض تفعيل القانون المجرم لكل من يعتدي على أي مواطن سواء كان طبيبا أو مسئولا أو شخصا عاديا .

5 إهمال الرعاية النفسية : في كل أزمة تحدث ، يجب أن تكون هناك رعاية نفسية للمتضررين منها . وهذا الأمر مهمل نهائيا بالنسبة للجنة  الوطنية لمتابعة أزمة كوفيد 19 . فقد تسبب الحجر الصحي في مشاكل عائلية تطورت إلى حالات عنف وقتل عائلي .

ختم أ.د غماري طيبي مداخلته ، بالحديث عن نقطتين مهمتين في مخطط معالجة الأزمة ، وهما :

الوقت : الذي عدم احترامه في المواعيد الخاصة بالتحاليل أو السرعة في الإجراء ، يعني أنه لا توجد أية نية جدية لمحاولة القضاء على هذا الوباء .

البحث العلمي : لقد أنشأت الدول الجادة في محاربة هذا الوباء مخابر ومراكز للبحث بالموازاة معه . وأختص الباحثون فقط بالكوفيد .وفي الحالة الجزائرية ، أصبحت الجامعة الجزائرية متخصصة في صنع مطهر اليدين .

والدرس الأخير ، الذي استنتجه المحاضر ، بعد هذه التجربة المريرة في محاربة هذا الوباء ، هو ضرورة الشروع فعلا في بناء دولة قوية ، فالجائحة القادمة لا ترحم إلا من كانت له دولة قوية حقا .

تبع هذه المحاضرة مناقشة طويلة وثرية بتعقيبات ، أسئلة ، وحتى بعض الإضافات جرت في جو علمي هادئ .

ختم هذا اللقاء بأخذ صورة تذكارية جماعية مع أ.د غماري طيبي .


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *