الأراجوز
حامد حبيب_مصر
ظلّ "الأراجوز " فى الثقافة المصرية
سلاحاً وطنياً من أجل كشف الكذب والانتصار للناس فى مواجهة
السُّلطة.
قدَّم علماء الحملة
الفرنسية وصفاً له فى كتاب
"وصف مصر"
قائلين:" وقد شاهدنا فى شوارع القاهرة عدّة مرّات رجالاً يلعبون الدُّمى
،فيلقَى هذا
العرض الصغير إقبالاً
كبيراً،والمسرح الذى يُستخدَم
لذلك بالغ الصِّغَر
،يستطيع شخص واحد حملُه بسهولة ، ويقف المُمثِّل فى المُربَّع الخشبى الذى
يعدّه بطريقة تُمكّنه
من رؤية المُتفرّجين من خلال
فتحات صُنِعَت لهذا
الغرض دون أن يراهُ أحد، ويمُرّر
عرائسَه عن طريق فتحات
أُخرى".
_والأراجوز لم يكن
مجرّد وسيلة للتسلية والمرح ،
ولكنّه كان منبراً
مباشراً لنقد الأوضاع الاجتماعية
وعرض أهم القضايا التى
تدور فى بال الناس فى
ذلك الوقت...كان المصرى
يجد حياته اليومية مُتجسّدة فى عرض كوميدى ظريف ، أبطاله عرائس خشبية،ممّا كان
يهوّن عليه معاناته، وأيضاً
يساعده على تقبُّل
مواجهة أخطائه عن طريق نقدها
بشكل لطيف ، ومن ثمَّ
فهو جزءٌ أصيلٌ من التراث
الثقافى المصرى.
_كما ساهم الأراجوز
_على مدار عقودٍ طويلة_فى
خلق ثقافة الاعتراض ،
إذ ينهى الأراجوز عروضه
بضرب خصومه
وطردهم من المجتمع
بكلمة
"إطلع برّه
"..فهو يميل إلى إقصاء العناصر الفاسدة
وطردهم من المجتمع ،
فكان أحد أهم مكوّنات الوعى الجمعى للمصريين ، فهو يبحث عن التغيير
نحو الأفضل ،وحثّ
الآخرين على التغيير بشكل
سلمى من خلال إقصاء
العناصر الفاسدة.
★وعن أصل كلمة (أراجوز):
""""""""""""""""""""""""""""""
_هناك رأى يُرجِع أصل
الكلمة إلى اللغة الفرعونية
"أورو جوز"
أى :صانع الحكايات..ورأىٌ آخر يرجعها
إلى كلمة "القَرة
قوز"باللغة التركية، والتى تعنى
"العين
السوداء"..وآخرون يرجعونها إلى أنها تحريف
ل"قراقوش" نسبة
إلى( بهاء الدين قراقوش) أحد
حُكّام مصر .واخترع
المصريون شخصية الأراجوز
، لِيُعبّروا من خلالها
عن موقفهم من قراقوش.
وبغضّ النظر عن أى
تفسيرات عن أصلها، تظل قيمته
حاضرة فى حياة المصريين
بشكل إيجابي ،عبر
عقود طويلة كانوا فيها
فى أشد الحاجة لما يعبّر عن
آلامهم.
★وعن كيفية تقديم عروضه:
"""""""""""""""""""""""""""""""
أنه كانت تُقدَّم عروضه
من خلال دُمى القُفّاز الشعبية
التى يصل عددها إلى
قرابة (١٤ دُمية)مختلفة فى شكلها ،وأشهرها دُمية الأراجوز التى هى الشخصية
الرئيسية فى جميع
العروض..حيث يُقدّم العرض فنّان "مُحرِّك عرائس" لايراه الجمهور
،ويشاركه العرض مساعد يُسمّى "ملاغى"يقف أمام الجمهور
وتقع عليه مسئولية
العزف والحوار مع الدُّمى وإشراك الجمهور ..ويؤدى العرض معتمداً على محفوظات
الفنّان المؤدى .
_وللأراجوز صوتى مُميّز
بفعل آلة يضعها فى سقف
الفم ،اسمها "الأمانة"
رُبّما لدوره فى الالتزام بالأمانة
فى توصيل الرسالة التى
يقوم بها،وحفاظه على قيَم
مجتمعه أمانة حتى وهو
يوجّه النقد القاسى له.
_وكان أهم مايتميّز به
رغم نقده كل السلبيات
الاجتماعية والسياسية ،
إلّا أنه لم يتجاوز فى اللفظ
أو يُسئ الأدب ، أو
تستخدم الإيحاءات الجنسية..
بل كان أسلوبه:احترام
قيم المجتمع وأحلام الناس.
____________________
حامد حبيب_مصر ٢٣_٧_٢٠٢١م