جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

ركبت فى الشنطة "

بقلم/ إبراهيم الديب



فى إحدى المرات وأنا عائد من دمياط للبيت  فى بدايات عملي بها أثناء الإجازة الدراسية  فى نهاية سبعينات القرن الماضي كان عمرى  حينها 12 عام .. وقفت أشاور التاكسي. ولما لا فأنا حاصل منذ عدة ساعات قليلة على بريزة  (عشرة قروش ) بقشيش من أحد التجار قلت: أخربها وأعيش أركب تاكسي بثلاثة قروش أما السبعة قروش فلم أستقر بعد على وضع  خطة مناسبة لكيفية التصرف بها إلى الأن...و بعد تفكير عميق وألف وطريقة  أصبحت أكثر حيرة فلم أستقر  بعد وبعد تفكير عميق طويل لوضع تصور نهائى.... فقد عذرت حينها  أصحاب الأموال لحيرتهم كيف ينفقونها والتصرف الصحيح بشأنها فهناك متاحات كثيرة أمامهم .... والآن بعد أن أصبحت أحد الأثرياء مثلهم وأنا أقبض على البريزة الشلنين الورق بقبضة يدى حتى أبتلا من العرق ويدي بداخل جيبي مخافة أن يتتبعني اللصوص كنت واقع تحت الفكرة أنني ثري بعد أن اعتقدت أن كل من كان يقابلني أو ينظر إلى في الطريق حرامي وعارف إن معايا بريزة ويريد أن يسرقها منى  . دعك من كل هذه الوساوس و التوقعات السيئة بالنسبة لمصير البريزة...

ليس هذا موضوعنا .عندما رآني صبى فى مثل عمرى وحجمي أيضا  من عزبة البرج وكان يستعد للركوب  فالتاكسي الذى هو :وسيلة مواصلات عزبة البرج والذي هو وسيلة مواصلاتنا أيضا و يمر من أمام بيتنا ذهاب وعودة  فتوجه إلى هذا الصبي سائلا:

-  هل ستركب تاكسي؟ فأجبته على الفور متقمص شخصية ثري من الأثرياء وبثقة أغا خان هندي:

-نعم..

فقال مستخفا بي وبدا وارتسم على وجهه تعبير أنني عديم الخبرة بالحياة ثم قال:

-وتدفع ليه أجرة ثلاثة صاغ أركب معي فى الشنطة بقرش ووفر قرشين أنت أحق بهم.. فسألته بعد أن أدرت الفكرة في رأسي وعدت لعقلي بعض الشيء في ترشيد المصروفات؟ وسألته:

-أصلك ركبتها ؟

قال على الفور:

-كل يوم..

ووجدتها فكرة جيدة بعد أن تقمصت شخصية المتواضع ولعنت سلوك المبذرين و اللذين هم إخوان الشياطين... وأصبحنا بداخل الشنطة ... وأوصيت السائق قبلها بالمكان الذى أنزل فيه أمام البيت  وأكدت عليه أكثر من مرة أن: لا ينسى أننى بالشنطة... ولكن حيرتي زادت عن ذي قبل بعد أن تضخم المبلغ مرة من سبعة لتسعة صاغ.... بعد أعطاني السائق أربعة صاغ باقي أحد الشلنين  المبتلين عرق، بعد قبض الأجرة مقدما خوفاً من قفزنا من التاكسي أثناء الوقوف لأي سبب أثناء الطريق كما يفعل أكثر الصبية هذا ما أخبرني به صبي عزبة البرج والذي يبدو من خلال حديثه معي داخل الشنطة أنه فعلها كثيرا، وأنه أيضاً أكثر مني خبرة و أعمق تجربة ... نعود للمبلغ فيه معايا أربعة صاغ و شلن مجمد فى جيبي مبتل ، ثم أخذت بتوزيع القروش على سندوتش فول وطعمية و اللب الأسمر والسوري والحمص وشاي على القهوة أثناء مشاهدتي مسلسل الثامنة والربع ثم لا  تعجبني تلك الخطة القديمة فأقوم بتغيرها....وأضع خطة أخرى أكثر جرأة ومغامرة بها بعض الوسوسة بالتبذير فما زلت واقع تحت تأثير تلك الفكرة وفحوى الخطة الجديدة هي أن اشترى جبنة رومي وبسطرمة وعيش فينو(أبيض ) وزيتون أسود غير أل أمي بتملحه رحمها الله وزجاجة كوكولا .....

وأنا غارق فى تغيير الخطط ووضع بدائل لها ؛ أكثر من مرة وبطرق مختلفة مبتكرة  حتى فكرت أعزم أصحابي على العشاء. كان السائق نسيني تماما ومر من أمام البيت ،ولم يتوقف وأصبح بعيد وأقترب من بلد آخر  وأنا أصرخ فى الشنطة ولا حياة لمن تنادى  والتاكسي منطلق  بنفس السرعة وهو لا يسمع  صراخنا جمعيا نحن ركاب الشنطة للتاكسي الدودج الأمريكي  ولا يتوقف أبتعد أكثر ولكنه  هدى السرعة بعد الشيء  بسبب حفرة عميقة  فى الأسفلت ؛ فخلعت الشبشب البلاستيك من قدمي ولبست  كل فردة منه  فى كفة من يدى وقفزت من الشنطة مقابل الأسفلت بكفى زاحفا على الأرض عدة أمتار قام الشبشب البلاستيك بعملية عزل بين يدى والأسفلت حتى لا تحدث إصابة ؛ وفعلا نجحت عملية القفز والهبوط من الشنطة  بسلام... بعد أن أدى الشبشب مهمته التي تمثلت في العزل.... صحيح كان هناك بعض التسلخات فى الركبة ولكنى نجوت وما زلت حيا..

بقلم/ ابراهيم الديب


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *