أبدو غير مؤذية
الشّاعرة التّونسيّة
مروى بديدة
أبدو غير مؤذية
أبدو غير مؤذية
واضح هذا السلم في عيني
و تعب مضيء جعلني ألمع
في النهارات الحالكة
و من كل الخطايا إكتسبت
قوة كما تلك التي في قلوب الأشرار
قوة بأشكال مجنحة و
سميكة كالرمح حين يهيئونه لتسديد الرمية .
لكنني إمتلكت ذلك دون
جدوى
فمرنت أصابعي على فعل
الخير و تحصنت بإبتسامة تؤلمني في أوردتي فيتدفق الدم ساخنا و حارا من أحداقي إلى
كاحلي
و مددت ساعدي لرفيقي و
خصمي
تحملت حمولة زائدة و
سافرت كمركب مثقل بالبضاعة الرخيصة غرقت في العلاقات بلا جدية ولا فائدة .
و أنا مسكونة بهمجية
الأرياف و إمتدادها الفسيح بلا تقنين و لا إشارات عبور
أخذني الولع بالمدن
فقصدتها بثياب مزرية و حذاء عتيق ،بلا قيمة
رقصت في شوارعها ببلادة
و جمالي آنذاك كان غريبا و محيرا
إنغمست في اللذائذ على
الأسرة المترفة بجسم غض و شفاه حمراء ،معذبة و دافئة
تركت الخجل و الوهن في
بيتي القروي الرتيب.
رأيت بشرا بوجوه عديدة
يغيرونها كالاقمشة بسهولة و إنسياب عجيب
ضعت في العطور الباهظة
و الحوانيت الخيالية
شربت نبيذا فاخرا و مرا
في الحانات المحوطة بالزجاج و الفوانيس كأنها في إحتفال يومي
رأيت رجالا ببدلات
رسمية و نياشين
بربطات عنق فريدة كأنها
أفاع محنطة
و نساء يضعن نظارات و
يخلعن أخرى
بكعوب عالية يسرن
متمايلات يرتعدن كأنهن في السعير.
رأيت الإناث و الذكور و
ما بينهما اذ لم يعد يرعبني رجل بإكسسوار عروس و خدود موردة و رموش ٱصطناعية
لم تعد تربكني امرأة
برأس أصلع و عظام وجه بارزة و عضلات مفتولة تذهب في موعد مع حبيبتها.
تعودت هناك على
المفاجآت و الدروس الصعبة
عملت كثيرا و دخلت
السوق التي يدخلونها
تفاديت أن أصبح ماكينة
تسلية و شذوذ
لأن هواء القرية رطب
بطعم اللوز مازال يجذبني إلى الفضيلة الربانية.
أرى الناس آلات منوعة
في إختصاصات مشينة
ينهمكون في تكبير
الأثداء و الأرداف و تضييق الفروج و تضخيم القضبان و تمديد الإنتصابات و مضاعفة
النشوة و العملة الصعبة.
أبدو غير مؤذية
واضح هذا السلم في عيني
أتيت بهيكل مصقول و وجه
طبيعي فتان
فعلموني كيف أعرض
الأزياء الفاخرة و الماركات المختلة
و إمتهنت ذلك كعارضة من
الصنف الخطير
و وجه إعلاني ممتاز
فقدت فيه وجهي الأول الذي بلا روتوش و لا أقنعة
تعودت على الأضواء و
الخذع و الكذبات التي تأتي بأموال طائلة و حسن إصطناعي.
أيقنت أن الفرح يستقر
في السحنة و يتجمد سريعا أما الأحزان فهي متوغلة في النخاع
تعيقنا مرات عديدة على
الحراك .
و مرات تحولنا الى طيور
كاسرة نجوب السماوات بمخالب و نفترس أيامنا في شكل روتين .
توهتني الأمكنة كثيرا ...لكنني ما زلت بسحر خاص
أحافظ عليه كأنني أعيش به ...
و سأعود ذات يوم لا
أعرف موعده الى تلك البراري بشاهدة على قبري و أستريح....