أنـا طفل أمّي الأخير
إبراهيم جابر إبراهيم
*
**
أنـا طفل أمّي الأخير . كان فِراشي من الليف الخفيف
ويداي طريَّتين كأيدي الجواري . تدور نساءُ بيتي مذعوراتٍ إن تأخرتُ في نومي أو
صابني حرُّ النهار . يهذرن بالخراريف المفيدةِ للمريض . ويُعلِّقنَ الأدعيةَ
الخضراء السميكةَ فوقَ رأسي . أنـا طفل أمِّي وحيلتها ؛ لي الجوارب الملوَّنة ،
والمشمش المقليّ ، ونزهات عصر الخميس .
لي الفاكهة المنَقّاة سرّاً ، والكحلُ يجعلُ عيني
الصغيرة أكبر !
تغنّي لي أمّي لكي أنـام . ثم تغّني لي لكي أصحو . ثم
تغنّي لي كي أعيش طويلاً !
أنــا طفل أمّي الأخير في حملها الأخير قبل أن تسقط البلاد
على وجهها .
خرجتُ عاريـاً من جنَّتي . دون جَورَبي .
وبَّختني الطائرات حين تأخرتُ في المشي !
وألقَت عَلَيَّ كلاماً بذيئاً . فسرتُ بسرعةٍ كأنَّني
لستُ طفل أمّي الأخير .
تركتُ على الجسر حمرة خدّي .
ومشيتُ بسرعةٍ كأنَّ لا شيء خلفي .
أنا طفل أمّي الأخير كان فِراشي من الليف الخفيف و ..
الكحلُ كالبكاء الغزير يجعلُ عيني الصغيرة أكبر !
.
إبراهيم جابر إبراهيم
فلسطين