عبد المقصود عبد الكريم
***
سباق
في بِدايةِ العَامِ
قررْتُ أنْ أخوضَ سِباقًا
أيَّ سباقٍ
مع أيِّ متسابقٍ.
في الصَّباحِ قابلْتُ الجميزةَ العجوزَ، تلك التي كانتْ صبيةً في طُفولتي،
تَضمُّني إليها وتُطعمُني من ثمارِها مثل أمٍّ طبيعيةٍ.
قُلْتُ: "صباحُ الخيرِ أيَّتها الجميزةُ الطيبةُ، تُثمرِين جميزًا
وأُثمرُ قصائدَ، تَجْمعِين ثمارَك طولَ العامِ، وأَجمعُ ثِماري، لنرى في النهايةِ
مَنْ منا ثمارُه أطيب."
قالتْ: "نحنُ صديقانِ، أمٌّ وابنٌ تقريبًا، أَحزنُ لي إنْ فزْتَ ولكَ
إنْ فزْتُ، ما جَدْوى سباقٍ نهايتُه حزنٌ؟"
فكَّرْتُ،
وقُلْتُ: "نعم، وأنا أيضًا أَحزنُ لكِ إنْ فزْتُ ولي إنْ فزْتِ."
انصرفْتُ وفي الطريقِ قابلْتُ ذلكَ الأرنبَ الذي سبقتْه السُّلحفاةُ في
الحكايةِ القديمةِ وقد صقلتْه هزائمُه.
فكَّرْتُ: نحنُ متشابهانِ إلى حدٍّ بعيدٍ وعرضْتُ عليه أن نتسابقَ.
قال: "إنْ فُزْتُ لن يقولَ أحدٌ فازَ أرنبٌ على شاعرٍ عجوزٍ، وإنْ
فزْتَ فضحتْني كلُّ الكتبِ وفضيحةُ السُّلحفاةِ مازالتْ تطاردني."
وتركَني وانصرفَ إلى لَهوِه المعتاد.
ظَللْتُ على هذه الحال حتَّى الظهيرةِ تقريبًا،
لا أحدَ يريدُ سِباقًا مع شاعرٍ عجوز،
وحينَ رأتْني الأيام مرتبِكًا على هذه الشاكلة،
عرضتْ عليَّ السباقَ بخبثٍ شديد
وقَبِلْتُ ببلاهةٍ شديدة
وما زلْنا في السِّباق
تَعرفُ أنَّها فائزةٌ بالضرورة،
وأعرفُ أنَّها فائزةٌ بالضرورة.
.
عبدالمقصود عبد الكريم
مصر
.......
من ديوان "كما لم تكن قط"، دار آفاق