الفردية في الأدب و الفن و الثقافة
العقيد بن دحو
لطالما ارتبط كلمة الفردية في وصف المزاج
الرومنطيقي ؛ على أنه الفنان الذي حطم قواعد نظام راسخ وتحرر من قيوده. و المقصود بالفردية هالة و حالة التي يغلف بها
الفنان نفسه ، ونشوتها التحرر و الثورة التي يعيشها. على ان يعيش تجربة عزلة ؛ عزلة من نوع خاص لها اثرا مباشرة في تكوين امرجة غالب الفنانين
الكبار المحدثين منهم .
ولن تكون عزلة العباقرة الفنانين مثل اولئك
الفنانين الكبار التي تباينت بهم السبل و
صنعوا مكون مزاج كل واحد منهم الخاصة :
- غربة او عزلة (فيني) برجه العاجي
- (هوغو) في جزره.
- (رامبو) في السفاره وهربه
- (كلوديل) في تاملاته الدينية
- (جويس) في منفاه من دبلن .
كان على الفنان ان يدرك عزلته هذه التي هي ارثه
بالمقام الأول. و ان يدرك ان العالم الذي يبحث عنه قائم في ذاته .
بطل سيريالي مركبا بذاكرته الحيوانية ، بالعهد
الذي كان فيه يشارك الحيوان وجوده. فهو
بطل وثيق الصلة بالحيوانية. وهو بالتالي سادي
، أنه الكائن الذي ينطلق ويتحرك ويتصرف انطلاقا من
طبيعة القسوة.
وهكذا يجد الفرداني صاحب المزاج بين تثنية الفعل الدرامي و نقيضه ، بين
الكائن المادي حيوان القرش و بين الوجود الالهي.
حاجة الفرداني إلى اللانهائي ليزيد ما لدورور إلى القول : : انا كالكلاب
استشعر الحاجة إلى اللانهاية " . ولكن حاجته إلى أن يكون ابن قرش او نمر .
ما من فنان إلا أن يجد نفسه مشدودا بين عزلتين
حاجة مالدورور الإنسان المادي و الإله اي
بين قوتين الخير و الشر ، بين الله و الشيطان
، بين الروحي و المادي ، بين وحيد القرن و الاسد و بين الخير و الشر بمعنى
هذا حاجة الفنان إلى أن يكون إنسانا من العالم. أي إنسانا حاجته إلى أن يفهم عالمه و قوالب عصره وكذا
الأسباب التي تخلق عاداته و تقاليده ، وحاجته إلى أن يكون اختصاصا ملتصقا بألوانه
او رخامه او لغته.
والصراع الذي يعانيه كل فنان ناجم عن حاجته إلى
تفهم العالم. وحاجته إلى العيش في عزلة او في حالة فردية.
الا ان عليه ان يتفهم المجتمع لا بالطريقة
الاخلاقية و السياسة المالوفة. بالطريقة السابقة للتاريخ. أي على الفنان العظيم ان
يكون قادرا إلى الرجوع إلى ما قبل الميلاد
ليفتش عن ارثه الإنساني هناك...وبيئته و تاريخه و حتى ما قبل التاريخ و الشبيه
بالتاريخ ايضا.
تتحقق أسطورة الفردية المغلفة بالمزاج بالثلاثية
الثلاثة صورة الثائر، و العاشق و الشاعر و
كل منهم عليه ان يخفي ثوره ثورته يتنازل عنها إلى بعض الوقت قبل أن تندلع في شكل
لوحة فنية او منحوثة او قصيدة شعر تاسر و تسحر و تسر الناظرين ، بل تدهشهم و
تذهلهم و تجيبهم بطابع الهائل الغامض.
