إسرائيل تهدد بدل الوقت الخاسر
العقيد بن دحو
" جاء يسعى ودر تسعة " ، هذا المثل الشعبي الجزائري ينطبق على
اسرائيل ، و هي تحاول عبثا ان تشارك عبر وفدها الدباوماسي في ملتقى أشغال قمة
الوحدة الأفريقية بصفتها ملاحظ بالعاصمة الاثيونية ( اديس ابابا) ، تحاول أن تجد
لها موطن قدم. أين تحقق فكرة: فرق تسود ، او من اجل البحث لها عن حق تاريخي
ايديولوجي و مجال حيوي عرقي.
ليطرد الوفد مبكرا و يجن جنون إسرائيل.
تعتبره إهانة للوفد الدبلوماسي الإسرائيلي و تتهم مباشرة وراء هذا كله جنوب
أفريقيا و الجزائر بطريقة غير مباشر.
إسرائيل بهذه شر طردة تكون خسرت الحسنيين معا كعضو دائم بجامعة الدول
الأفريقية و كعضو ملاحظ و خرجت بخف حنين.
هذه الطردة الدبلوماسية او - تفضل من غير مطرود - كان بمثابة الزلزال ، او
الهزة الأرضية السياسية التي تفوق رصدها و
سبرها جميع السلام الراصد للاهتزازات
الفوق الصوتية و ما تحت الصوتية ( الريشترية) ، و( الميركالية ) منها ستظل تبعاتها السياسية حتى ما بعد الأثر، او
ما بعد قمة طرد الوفد الدبلوماسي الإسرائيلي، بغض النظر عن البطل ؛ المغوار ؛
الدبلوماسي المهندس عن هذا السبب الانتصار.
زلزال من نوع خاص ؛ عابر للجيولوجية الجغرافية أرضا وبحرا و جوا . بل هز كل
مسار شرف كبريائها ؛ التي ظلت تحارب من أجله منذ وعد بلفور 1948 المشؤوم ، و منح
حقا من غير حق إسرائيل ارض فلسطين ، تحت شعار أرض بلا شعب و شعب بلا ارض !.
اكيد إسرائيل لم تشعر ، و لم تذق طعم الم الهزيمة النكراء، بقدر ما تأكدت
لها اليوم و هي ترى بأم عينيها خرافتها ، اسطورتها ، عقدتها التي لا تفهر ، تتحطم
على أسوار سد و شلالات النهضة ، على مقام
رخام تمثال اقنعة الجد الحكيم الإفريقي، على آثار الفلكلور و الاغاني و الشعبية
الأفريقية الشبيهة بالتاريخ الحضارية . على وقع اشعار الشاعر الرئيس السينغالي
الأسبق( سيزار سنغور) ، على هائل وهول مذهل مدهش أفكار( هامباته امبا) و (سيزار
اميه).
لم يشعر الإفريقي بالاعتزاز و الفخر بقدر ما يشعر له اليوم. و هو يرى (
انف) إسرائيل يداس و يحطم بالمحكمة و يسمى
بالوحل و طين أمطار للصومال و مالي و النيجر.
توقفت حاسة الشم عن اية شهامة و كبرياء ، و تحطمت تلك الصورة ( الشموشونية)
التي حاولت تصدرها لنا البروبجندا
الصهيونية عن طريق اكاذيب و اراجيف ( التطبيع) التي هرولت اليها بعض الدول
الإفريقوعربية التي جبلت عن (بيع الجسد).
كون التطبيع كان يعني باللاتينية بيع تمثال او رفع تمثال او حالة التعهر او
بيع الجسد ( راجع روبيرا اسكاربيت في كتابه سوسيولوجية الادب : ص91).
لم يقص شعر الخرافة فحسب بل قص لسان اسرائيل عن الصرخة للشموشونية : "
علي و على اعدائي يا رب " !
خسارة إسرائيل في اديس ابابا، لا تقدر بثمن . ما يبقى إلا نصب حاطها
المبكر؛ تبكي اخاديد و تشققات مطويات تمائم وريقات ما تبقى لها من امان و امال
مغلولة و مثقوبة الرجاء و الدعاء..
اما فيما يخص التهديد و الوعيد الاسرائيلي هي تعرف جيدا من تهدد !. فإذا
كان يخص الجزائر ، هي خير العارفين بعقيدة و اسلوب و هندسة الجندي و الشعب
الجزائري. وهم ينتظرون على احر من الجمر هذه المواجهة ان ارادتها إسرائيل خيبة
اخرى ، انتكاسة اخرى ، هزيمة اخرى ، بل نهاية ما بعدها نهاية.
عندما تحارب إسرائيل على ارض ليست اراضيها ، و على صحراء لا تعرفها ، و على
خلفية و مرجعية قتالية لم تشهدها إسرائيل في مجرى حياتها من افول لا يؤوب منه
مسافر. ساعتئذ سوف تعلم
ليس لقتلاها صناديق جثث ، و انما
علب رماد و غبار مسنون!.
غير ان إسرائيل تعرف جيدا لمن تتوجه بهذا التهديد لاخافة مطبعيها المنبطحين
اولا.
وهي يتمثل وتراجع باثر رجعي دروس
مدرسة و مذهب حرب أكتوبر 1972 بجمهورية مصر العربية أين الجندي الجزائري ابلى البلاء الحسن الاحسن ،حارب حتى الرمق
الاخير ، و حتى الرصاصة الأخيرة بعزة وكرامة و شرف.
لا تزال تشكل هاجس تلك( العقدة) و الكابوس من يقض مخيلة الذهنية الاسرائلية كلما فكرت
بالجزائر دولة جيشا و شعبا. تتمتى ان لا تلتقي هذا...
اما وان كان و لابد وفرض على الطرفين القتال ، سواء بالوكالة او وجها لوجه
، جنديا لجندي فلتنتظر بركان قيامة الرمال
اليحموم أشد و اصعب وقعا من زلزال و بركان الصخر و الحجر!. انه الموت بلا
عنوان و لا سجايا له !.
لن نقول هذا من باب العواطف او لرفع المعنويات ، و انما التلقائية لا تترك
في القلب ميولات ، هي معارك حضارية ثقافية أشد حسنا من الحسام المهند.
اعتقد ان هذا هو الأسلوب الحربي السهل الممتنع ، تحت الطاولة ، و ما بين
الأسطر، و خلف الصورة الذي تنتهجه إسرائيل مع الجزائر ، حرب الذكاء الطبيعي و
الاصطناعي ، و الضغط النفسي الدبلوماسي و لا سيما على الثخوم و الخنادق ذي الجار
الجنب الغربي . الحرب التي يغيب فيها الوازع الاخلاقي و الضمير الجمعي و قرابة
العرق و البيئة و التاريخ و غير المباشر !.
كل المؤشرات. تشير إلى أن القمة الأفريقية انتهت كما كان مقرر لها موضوعا
وموضعا ووقتا، لتندلع او لتهتز من جديد على بلاطوهات شاشات التلفزيونات ، و على
شبكات منصات التواصل الاجتماعي
معظمهم بشير إلى إسرائيل خسرت
مقدما ومؤخرا ، خسرت عضو الشرف ، خسرت عضو
المراقب ، خسرت الرهان الدباوماسي ، خسرت أفريقيا المجال الحيوي المحتمل ، خسرت
المتطبعين المعروفين.
خسرت الحرب الدبلوماسية مع جنوب أفريقيا، و الاستباقية مع الجزائر ، و على
الميدان بالصحراء الغربية.
وما بقي على اسرائيل الا ان تعود الاعقاب ، تجر اذيال الخيبة ، تجر أثواب
الهزيمة . من هزيمة الشرق الأوسط 1972 إلى هزيمة اديس ابابا 2023 ، و ما النصر الا
ساعة صبر.
انهزمت الروم على قوتها وجبروتها قديما و ها هو التاريخ المعاصر اليوم تشهد
هزيمتها الدبلوماسية . بالمقابل انتصرت أفريقيا و العرب جمعاء، انتصرت جنوب
أفريقيا، انتصرت الجزائر ، انتصرت الصحراء الغربية.
وفي الاخير :
ما انا الا من ( غزية) *** ان غزت غزية اغزو وان غوت غويت. او كما قال
الشاعر.