جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
نقدAkid Bendahou

الحداد يليق بإلكترا الفعل الدرامي ونقيضه


( الحداد يليق بإلكترا ) / الفعل الدرامي ونقيضه بقلم Akid Bendahou


 ==========================
  * - والسعيد السعيد من يعيش كالليل *** غريبا عن أهل هذا الوجود .

إلكترا....Elektra .... Electra ... وبالفصحى اليونانية : Ἠλέκτρα). حديث بألف صوت , وألف صوت بصدى واحد !.
إلكترا او ( الحداد يليق بإلكترا) او هي ثلاثية اسخيلوس : ( حاملة القرابين - أجاممنون - المحسنات ) هي تلك اللحظة المسحورة التي يلتقطها الفنان من محرى الزمن , فيخطها على الورق لفظا ورسما ,اويتبثها على عدسة كاميراته لحظا واشارة , او على الحجر نحثا ونقشا .او على محراب ناسك متعبد مصلى فنيا , او قربى ثقافيا , تطويبا فكريا وصلاة .
إلكترا تلك المرأة التي تشكل اسطورة عنصرها , من حيث إلكترا هي إاكترا , اسطورة امرأة , لا يمكن فهمها إلا وفق التراكم المعرفي والعلمي والنقسي , ولا يمكن دراستها ومعالجتها إلا وفق ثلاث محاور: (
x - y - z ) مقارباتية عقلية نفسية إجتماعية . .حسب كل عصر وحسب كل كاتب وحسب كل مدينة .
إلكترا نفي اللحظة , ونفي فاصلتي المكان والشاعر ايضا , حين تنتقل من مدينة (موكنيا )...الى مدينة ( أرغوس ) باليونان القديمة...الى (باريس ) بفرنسا...الى(نيو اجلند) بالولايات المتحدة الإمريكية. وعبر كتابات وكتاب عديدين , من (اسخيلوس )...الى ( صوفوكل )...الى ( جون بول سا رتر )...الى (يوجين أونيل ). وعبر ازمنه مختلفة ايضا مما قبل التاريخ الى عالمنا المعاصر هذا.
كم كنت اتمنى لو فعلا لدينا مرفقا ثقافيا جادا مثقفا , لو فعلا نملك اعلاما ثقافيا هادفا ومسؤولا , لو ... ولو...ولو حرف امتناع لوجوده .
(إليكترا ) من اروع القصص الدرامية , ومن اروع الأدب التمثيلي اليوناني حاضرة الاغريق القرن (- 4 ق.م) للكاتب الأصيل المبدع الكبير الاغريقي ( صوفوكل) . لا تقل قيمة وجمالا وهائلا مذهلا مدهشا عن ( أونتجون) الخ....
المشكل ليس هنا , الاشكال انها اتخذت عدة لبوسات ولوغوسات , وعبر كل الاجناس الأدبية والفنية وتكيفت مع كل عصر وكل قوالب الاخراج الفني قبل ان تصل الينا كجوهر من حيث هو جوهر اصيل لا يقبل باقي قسمة على احد ولا على نفسه. قيمة مطلقة إليكترا من حيث هي إليكترا !.
وصلت الى العالم المتحضر كنص درامي تراجيدي لكاتبها الأصلي الكلاسيكي ( صوفوكل)..... ووصلت عبر الكاتب الامريكي التعبيري ( لوجين أونيل ) بعنوان " الحداد يليق بإلكترا القرن العشرين.... ووصلت لنا عبر فيلم :إليكترا حبيبتي ، فيلم ( (لـمايكل كاكويانيس).
"إليكترا عند قبر أغاممنون" بريشة الفنان الرسام : ( فريدريك لايتن)، لوحة 1869. عقدة اليكترا، هو مصطلح وضعه سيغموند فرويد ويشير إلى التعلق اللاوعي للفتاة بأبيها وغيرتها من ... اعتبر فرويد أن عقدة أوديب الأنثوية أو عقدة إلكترا كما أسماها يونغ أكثر عاطفية من عقدة أوديب بالنسبة للذكر، مما يؤدي في الغالب، إلى امرأة ذات شخصية خاضعة لأهوائها وشهواتها وغريزتها الأنثوية .
ايضا عالجها (ميكيس ثيودوراكيس) (
Μίκης Θεοδωράκης) : موسيقار و,سياسي يوناني ,في سنة 1980 بباريس قام بإعادة كتابة قطعه الموسيقية التي كتبها في الخمسينات. ... 1961–62: "; 1961–62: "Electr; 1964:"; 1967: "The Day the Fish came
وايضا ( إليكترا ) شعرا /
To Electra /
Robert Herrick - 1591-1674 /

I dare not ask to kiss,
I dare not beg a smile,
Lest having that, or this,
I might grow proud the while.

No, no, the utmost share
Of my desire shall be
Only to kiss the air
That lately kissèd thee.
هناك مقولة تاريخية تقول : الطباع والأسماء قلما لا تتفق , وشخوص (إليكترا ) سواء في طابعها الكلاسيكي او بالإنبعاث الحديث التعبيري , التكفيري التطهيري / cathersis او التأثري الإنطباعي هي نفسها حتى ان اختلفت الأسماء لن تفقد بود وظيفتها قضية ف :...
-
القائد العظيم أجاممنون يوافق....الجنرال ( مانون )
-
أوريستيس بن أجاممنون يوافق ......( أورن )
-
بولاديس صديق أوريستيس يوافق.....
-
مربي أوريستيس يوافق....
-
إلكترا ابنة أجاممنون يوافق... (لافينيا )
-
كروسوتيميس ابنة اجاممنون توافق.....
-
كلوتيمنسترا زوج (زوجة) أجاممنون توافق.....( كريستين )
-
إيجستوس عشيق كلوتيمنسترا يوافق..... (برانت )
-
( الجوقة / الكورس) من بنات موكينا توافق......عامة الشعب الإمريكي / نساء.
ما أشبه ما قبل البارحة أي ما قبل التاريخ , أي ماقبل الميلاد بالأمس القريب , بل باليوم ,كون القضايا الي يعيش من اجلها الإنسان ويكافح ويضحي من أجلها هي واحدة ولا تزال تتكرر,قصد التكيّف مع الطارئ والسعي الدؤوب للعيش الأفضل وفي سبيل أنسنة الإنسان ماديا ومعنويا حضاريا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا و أمنيا .والعيش بسلام وعلى أمل ان يكون غدا أفضل حتى ان لم يعد بالإمكان ابداع اكثر مما كان , ووصلنا الى عصر النهايات الشامل , نهاية التاريخ ونهاية القيّم ايضا .
تعود ( الحداد يليق بإلكترا) في حده الحد بين الجد واللعب من Homo sapiens الى Homo ludens. الجد من حيث كونها تدور احداث المسرحية في بيت (آزرا مانون) ؛ القائد العسكري والقاضي الذي لديه زوجة (كرستين) ، وابن (أورين) ، وابنة (لافينيا / فيني). تسرد وترصد المسرحية مأساة هذه الأسرة العريقة ، حيث قتلت الأم الأب لتنفرد بعشيقها ، ولكن الابن والابنة يقتلان بدورهما
العشيق فتنتحر الأم ؛ ثم يصاب الابن بالجنون من تأنيب الضمير فينتحر بدوره وتنعزل الابنة في المنزل الملعون المليء بأشباح الموتى وضغط الظلام الدامس الداحس المطبق على الجسد المتهالك من كل الجهات .
يهمنا امر وحالة والمآل التي آلت اليها البطلة بالسواد الذي يليق بإليكترا , كونها تجعلنا نجلس في هلع آسر فيما يملي علينا الكاتب رغباتنا الطفولية , وفيما تملي علينا البطلة ضعفنا البشري القوي في آن واحد. نعيش الضدين معا في آن واحد , تثنية الفعل الدرامي ونقيضه , بين عاطفتين سوداويتين عاطفة الأمومة التي تخفي غيرة امرأة أخرى من صلبها , وعاطفة الانتقام لأب مغدور به من لدن أم سيطرت وغلبت عليها شهواتها ونرجسيتها السادية !.

فهي عند النقاد الكلاسيكيين لا يمكن مقارنتها بإمرة من بنات جنسها (أونتجون ) مثلا . , بل تقارن بشكل مباشر بأسطورة رجل (أوديب ملكا) والمآل التي آل اليه , تشابه مع الفارق , بل ( أوديب ) ارحم منها استطاع ان يطور من الة بصره الثالثة , بعد ان علم انه قتل أباه وتزوج أمه وانجب منها بينيا وبناتا هم اخوته وابنائه في نقس الوقت.
بينما إلكترا هي والظلام /السواد/الحداد التي سجنت فيه نفسها سيّان , لقد تزوجت الظلام , ومنعت النور وضوء الشمس من الوصول الى آلة بصرها القيزيولوجية , كي لا ترى أحدا (...) , بل منعت وصول الضوء الى بصيرتها كيما لا تفكر لا بماض ولا حاضر ولا مستقبل , استطاعت ان تحكم على نفسها بنفسها , او كما جاء بقولها :
- " ....
لم يكن هناك انسان ليعاقبني....فكان عليّ أن أعاقب نفسي " .
وكأن الضمير استيقظ فجأة حتى بوسط هذا الحداد الحالك وشرع في تأنيب ذاتها.
لقد اكتسح السواد انوتثها وفضلته زوجا عن عشيقها عن هذا الحب اللعوب , حب التملك , لا يتملك الذات او الجسد انما الجوهر البشري وغريزة الاعتقاد التي بدأت تضمحل في عصر اثقله منطقه , وصارت الآله كل شيئ و الإنسان لا شيئ !.
ولكي ينتمي الانسان الى هذا العصر ينبغي ان يكون دون المستوى الانساني , لكي ينتمي الأفراد الى مستوى العائلة يجب ان يكون دون مستوى الأسرة, الخلية الأولى لبناء المجتمع ومنه الدولة ايضا.
البطلة ( لا فينيا ) او هي الحداد يليق بإلكترا / السواد يليق بإليكترا إمرأة ناقصة الأنوثة نفسيا وليست خلقيا , امرأة صارت شاذة عاطفيا , وصارت تكره الحب , ولا تريد بعد الذي اصابها ان يكون لأحد عليها حق , حتى ان كان خطبها او حبيبها او والدها المغتال....من أجل هذا كان يطاردها السواد والحزن من داخلها نحو الخارج الى ان يعم البلاء والحداد.
(لا فينيا) لم تعد أمرأة فقيدة الرجل , لم تعد تخسر اكثر مما خسرت كيما تكتب العالم , وكيما تكتب كاتبها , وكيما يكتب الكاتب هذه التحفة . بل هي تحولت كلية الى سلاح , ذاك السلاح التي تفتقده أي امرأة وهي تطلبه من رجل يقوم بالنيابة عنها .
انها هي نفسها ذلك المسدس الذي يحكم احداث المسرحية , ويبرز وسطها كسيف القدر , والمسدس هو البطل الذي يطلق رصاصة الظلمة والعتمة والقتامة والسواد والحداد من مسافة صفر. انه يقوم بدور اكبر منه الدور المزدوج , العاطفة المكبوثة وهي الأنوثة المنتحرة سوسيولوجيا سابق عن لا حق , وما بقي إلا الإعلان عن هذا الا نتحار المسبق , بعدد ان تفك على المسرحية خيوط اسباب الحياة الإكلينيكية والتمسك بها داخل النص المسرحي...وداخل الذات المهتزة سلفا...وداخل الأسرة المكلومة المفجوعة... وداخل شرخ المجتمع الامريكي..... وداخل الدولة ايضا .... وداخل العالم بعد ان صارت دراما تراجيدية كونية , تعنى بالشأن العام العالمي , في زمان هو كل زمان وفي مكان هو كل مكان.
الأخطر( الحداد يليق بإلكترا) هو وجود المسدس ولا سيما بالنشيد الأخير او بالقسم الأخير او بالثلث الأخير للثلاثية فما المسدس إلا إلكترا نفسه له دور مزدوج التركيب قد تشير الى عفدة الأنثى الى مركب عقدة النقص الجنسي وتعلقها وحبها الشديد لوالدها , وقد تشير الى قوة الذكر التي تتمنى ان تكونه .
الكترا امتلاكها ( السلاح ) لتقوى على مقارنة ومقارعة ومحاربة والدتها وعشيقها .. . وقتئذ لا غرو العالم النفساني فريود يتخذها علاجا نفسيا , عالجها معالجة سيكولوجية , وسمّاها ( عفدة إليكترا ) , كما اعتبرها :عقدة أوديب الأنثوية.
عقدة اليكترا : مصطلح وضعه سيغموند فرويد ويشير إلى التعلق اللاوعي للفتاة بأبيها وغيرتها من أمها وكرهها لها، واستوحى فرويد هذا المصطلح من أسطوره إليكترا اليونانية وهو يقابل عقدة أوديب لدى الذكر.
وما دمنا صرنا مجبرين لا ابطالا بهذا التأثر الإيماني التحليلي الفريودي , نتساءل بدورنا تساؤلا شرعيا أفقيا : اذا كان لغز اثينا باليونان القديمة معروفا لدى عامة المثقفين والتنويريين , وتمكن أوديب بدوره من الإجابة 📷https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t24/1.5/16/1f641.png:( الإنسان ) !.رغم سطوة القضاء والقدر , وهو الحل والفك السري السحري الذي فكّ وحلّ به أوديب ثخوم المدينة واعتلاء عرش اثينا رغم قسوة المآلات والتأويلات المأساوية المتلاحقة تباعا , فاليوم العالم المتحضر مطالب بإيجاد حل أخر وفك أخر للغز أخر او تساؤل اخر : ما الذي يليق بإلكترا ! ؟.... بل بمصير العالم , وهو يرى ان تقرير مصيره لم يعد تقليديا ولا وفق منطق البشر ولا الألهة والتفكير ببيئته , ولا مركزا في مركز ثقل القيّم المتعاهد عليها , انما وفق منطق ابليس , وفق قوته التدميرية , التفكير بأسلحته الفتاكة التي لا تقتل الحياة انما المغزى من الحياة وفلسفة الحياة , واسباب وجود البشر عليها !.
رغم قسوة وجبروت إلكترا إلا انها تبدو أشد عجزا وضعفا , على ان تجد حلا للغز كامن فيها , في أنثاها التي تفكرعبثا التخلص منها , تلك الأنثى التي لا تسطيع ان تشفي غليل أبا قتل غدرا...... ما اعطب إمرأة مغلولة الى عتقها بأنوثة زائفة..... !.
لم يقلد الكاتب الإمريكي ونظرا للحالة الاجتماعية والاقتصادية الضنكة التي كان يعيشها المجمع الامريكي , لم يقلد ( صوفوكليس ), وانما انحى منحى ( اسخيلوس) بالأوريستية , ولا سيما بأقسامها الثلاث : ( حاملات القرابين - اجاممنون - المحسنات ) وبالقياس والاسقاط والتناص نجد :
*
في القسم الأول، وهو أطول الأقسام وأكثرها أهمية لأنه يؤسس بصلابة لأحداث وعلاقات رأى النقاد ان بعضها قد ينفع جزءاً من اسطورة كلاسيكية، لكنه لا ينفع كثيراً في التعامل مع الواقع حتى في إطار رمزية سيكولوجية، إذ في القسم الأول، في منزل آل مانون الفخم والمتقشف في آن معاً. الكل هنا في انتظار رب البيت وعميد الأسرة ازرا مانون، الجنرال في الجيش الشمالي، والذي كان اصطحب معه الى الحرب، فإلى الانتصار على الجنوبيين، ابنه الشاب أورين. وفي المشهد الأول : (كريستين)، زوجة الجنرال وابنته لافينيا اللتان تنتظران عودة الجنرال المنتصر... ولكن في خلفية ذلك المناخ العائلي الانتصاري، ثمة ظل يخيم، سرعان ما سنفهم فحواه. ان (ابراهام)، ولد (ازرا مانون)، كان في الماضي طرد من البيت خادمة - مربية - لأنها حملت من أخيه (دافيد) الذي كان عاشقاً لها. وقد رحل دافيد يومها مع حبيبته التي وضعت طفلهما (آدم)، الذي أعطي اسم (برانت)، ثم ما إن شب عن الطوق وعرف سر أصله، أقسم على أن يثأر لأبيه من تزمت آل مانون. أما كريستين التي لم يرضها أبداً أن يعرض زوجها حياته وحياة ابنهما أورين لخطر الحرب، فإنها في غياب الزوج ارتبطت بعلاقة غرامية مع... آدم برانت نفسه. وذلك تحت سمع ابنتها لافينيا وبصرها، والتي لا تحب أمها أصلاً، بل تغار من اهتمام أبيها بها. وإذ تدرك كريستين ان غرامها بآدم بات لا مفر منه، تقرر أن تقتل زوجها حتى تتزوج بعشيقها. وهكذا حين يعود ازرا الى البيت ويصطدم بزوجته ينجم عن ذلك أزمة قلبية... تزيد كريستين من حدتها بإعطائه السم بدلاً من الدواء، ما يقضي عليه. وهو أمر تكتشفه لافينيا فتقرر الانتقام لموت أبيها. وهذا ما ينقلنا الى القسم الثاني المطارد الذي يبدأ بوصول الابن اورين لدفن أبيه وتندلع معركة بين كريستين ولافينيا للحصول على تأييد أورين واحدة منهما ومساندتها في معركتها ضد الأخرى. وفي البداية ينتصر حب أورين لأمه على شكوك لافينيا إذ تنقل اليه، لكنه بالتدريج يبدأ بالظن بأمه. ويتحول الظن الى يقين حين يحدث له أن يصغي - سراً - الى الأم وهي تخطط مع عشيقها برانت للهرب. وهكذا يشعر أورين بالغيرة قبل أي شيء آخر على أمه، وينتظر ذهابها من المكان حتى يقتل برانت. وبعد أن يفعل، تلتقي لافينيا بكريستين ويدور بينهما حديث حقد وشماتة، يجعل أورين يدرك خطورة ما فعل، وفقدانه حب أمه فيصاب بالجنون.
في القسم الثالث المأخوذ لدينا لافينيا التي تتمكن بعد رحلة بحرية طويلة من إخضاع أورين لسيطرتها العاطفية. أما هو، فإن غيرته تنقلب الآن الى غيرة على اخته وهوس بها. وهكذا حين تخطب لافينيا لبيتر نيلز وهو ابن عم لهما، يهددها أورين بفضح الماضي كله أملاً في الإبقاء عليها. لكن لافينيا لم تعد قادرة على الاحتمال والخضوع لعقدة الذنب، وتقرر أن موت اورين هو الحل الأفضل، فتدفعه الى الانتحار فيما هو ينظف مسدسه... ولكن، إذ يحدث هذا تنفجر عواطف لافينيا، وتكتشف ان ليس في وسعها بعد الآن أن تتخلص من لعنة آل مانون، فتفسخ خطبتها ببيتر نيلز وتأمر بإغلاق نوافذ الدار كلها، لتعيش بقية أيامها في ظلام اجترار الماضي وسط أشباح أهلها. , لتطفئ وهج سمعها وتصم رنين بصرها في اختلال حواس لم يشهد العالم له مثيل , حين تعطى المسموعات مرئيات , والمشمومات اذواقا وملموسات لتغنى بها اللغة الشعرية , ولكن حتى هذا الاختلال والفوضى بالحواس لم تنعم به إلكترا الولايات المتحدة الامريكية او ( لا فيني ) , وكما اخرج الكاتب الاغريقي من القرن الخامس قبل الميلاد سيفه سواء عن صوفوكل او عند اسخيلوس , استخرج الكاتب ( يوجين أونيل ) اخرج مسدسه , واطلقه على المسرحية برمتها , لا ليدمرها ولكن ليمنع المسرحية ان تكون مجرد مأساة ارسطية في مكان واحد وفي يوم واحد يتم فعل واحد , انما ليوصل العالم الحديث هذا إلكترا من نوع اخر وحتى ان كانت تحمل اسما اخر , ويمنحها الخلود ويتوجها بتاج ملكة الظلام والسواد والقتامة , وانها فعلا جديرة بهذا الحداد الأسطوري الخالد , ميراث الفنون , عزاء للإنسانية جمعاء , الدي لم يعد أحدا يبكي أحدا إلا لمن فقده فيه من ماديات وشهوات زائلة , بينما الجوهر وحدها إلكترا منذ الإغريق الى اليوم عزاء من لا عزاء له وحداد من لا حداد له , وان اختلفت بهم الدار والأزمنه واختلفت بهم السبل .
تثنية الفعل الدرامي ونقيضه إلكترا وبعد ان شهدت بأم عينيها كيف يقتل الأب , وكيق تقتل الأم , وكيف يقتل الأخ , وكيف يقتل العشيق , وكيف تقتل خطبها , ما بقي الا الإلتحاف بالظلام الدامس وان تسجن داخل سجن داخل سجن أخر حسب نظرية العوالم المتداخلة , إلا أنها بالمقابل وحسب العدالة الشعرية أنارت الوجود تلك التحفة الفنية الدرامية التي لا تزال مختلف الأجيال تقتدي منها نورا وجمالا ومتعة وحياة بعد دمارا , وأملا بعد ألم , وسعادة بعد شقاء , لم شمل بعد تفرقة وشتات كما يجب ان يكون وليس كما هو كائن .
لقد منحت ( الحداد يليق بإلكترا ) / او السواد يليق بإلكترا ما لم تمنحه مأساة أخرى وتراجيديا أخرى في عالمنا المعاصر للإنسانية من عزاء وخلاص وتطهير وتعبير وتغيير وتفكير , أن الإنسانية بالأول والأخير هي التي لا يمكن التنازل عليها حتى في العدم الأشد قتامة.
تزف إلكترا عن طيب خاطر , من تلقاء نفسها الى غرفتها السوداء, او الى ( هيديز) مملكة الأموات كما هو عند الإغريق - تشابه مع الفارق - دون ان تبكي أحدا , مغناطيس فاقد صلاحية التمغنط الفيزيائي , ذي الجسم الواحد بقطبيه المختلفتين....الشمالي والجنوبي , تثنية الفعل الدرامي ونقيضه. , يختلفان بفدر ما يتشابهان. ينفصلان بقدر ما يتصلان , يتنافران بقدر ما يتجاذبان. يؤثر الواحد منهما الأخر من أجل أن يتأثر به.
الأن ماذا بقي لنا بعد ان تحولت اليكترا الى كل الفنون الزمكانية , بل الى كل العلوم النفسية والعقلية وحتى الطبية , لم يعد بالإمكان ابداع اكثر مما كان.
أملنا كبير أن يغير اعلامنا الثقافي بخفيفه وثقيله وجهته ويناقش الخلود الأدبي والثقافي والفني والجمالي في مجرى الزمن , لا يطاله زمان ولا مكان , وان ينظر الى ( البطل ) من جميع الرؤى والمرجعيات والخلفيات لمختلف الأجناس الفنية والأدبية الثقافية , وفق جميع الحواس , إذ حاسة واحدة لم تعد تكفي وجنس واحد قاصر للوصول الى معالجة الإنبعاث الحديث المعاصر في عز عصر العولمة ونهاية التاريخ والذكاء الشامل .
أملنا من إعلامنا ان يعيد لنا مآثو(ر الرواد الأوائل الذين ساعدوا الجزائر ابن مطلع السبعينيات وبداية الثمانينيات الإخوة المتعاونون العرب الفرسان الميامين , ( سعد اردش ) و ( كرم مطاوع) و(ناذر حسام الدين) والعديد من امثالهم ومن قضوا شهداء بالعشرية السوداء والمأساة الجزائرية في عز نهاية المسرح إلا أنهم أبوا إلا ان يستنهضوا الهمم وينيرون الزاوية المتواجدون بها خير من ان يلعنون الظلام !.
بالأخير : " يضيق كل ادب وفن بذات نفسه إذا لم تلحقه فنون واداب اجناس اخرى , تهز الخلق من ديباجته " / ( هوراس) .



***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *