نقدAkid Bendahou
لهاملتية / المسرح داخل المسرح / نظرية العوالم المتداخلة /هاملت (تشكسبير) نموذجا / اللوغوس واللبوس
لهاملتية / المسرح داخل المسرح / نظرية العوالم المتداخلة /هاملت (تشكسبير) نموذجا / اللوغوس واللبوس
========================== ===================
هاملت (تشكسبير) ,يكاد يجتمع النقاد على ان رائعة ملحمة الكاتب الإنجليزي من الجواهر والنفائس الحسان , وهي محاكاة لأفعال نبيلة,تمثل الصراع بين الواجب والضمير ,وحب الإنتقام او الإستسلام لصولجان العدالة ان يأخذ مجراه ,لكنها كصراع الملاحم الكبرى تطرح قضية اخلاقية جليلة وكبرى وهي الخيانة والإنتقام ,الفعل الدرامي ونقيضه .صراع بين العالم الحقيقي والعالم المثالي الخيالي,بين الفكر والخيال ,بين الفعل والعزم ,وبين الجرأة والشجاعة والتردد.
ما هاملت الا معادل صوتي لأحسن صورة وأفضل رمز ,لكل نفس ابية شريفة,ثواقة ,تملك الكثير من الجرأة والإقدام والشجاعة ,عيبه الوحيد :التسرع والتهور تفسد الكثير من ود القضية .
جد هاملت نفسه غارقا في حالة سيريالية رومانسية ,بل كل المذاهب الفنية دفعة واحدة عميقة الجذور,كحالة تعبير عن خواطر النفس في مجراها الحقيقي ,بعيدا عن أي التزام يفرضه العقل او المنطق ,ثم الإيمان بسلطان العاطفة المطلق. وان كان قد ألقى نفسه في وضعية اللا قابلية للتلاؤم مع المجتمع ,فلأنه كان عليه ,ان يكتشف سر وجوده قبل ان يستطيع اتباع أي نمط مألوف للسلوك.
الهاملتية ,تطرح اشكالية تحليل مسرف ودراسة ممعنة للنفس ,ومحاولة تبذل للتوغل في سبر حالة القلق inquietude او/ restlessness أي مجبر البطل ان يعيش في مرحلة يكون فيها مهددا (...) / او مهددا بتهيدات ضخمة تشمل العالم ,حتى ان حالته الفكرية تصبح بعيدة كل البعد عن الإستقرار والهدوء والطمأنينة والسكينة ,ذاك ان القلق هو اكثر التجارب الإنسانية على عدم استقرار العالم.هاملت بطريقة او بأخرى مصاب بداء رهاب / فوبيا المزاج الإنفصامي ,مما يؤدي الى الشلل والتوقف,فهي نوعامن انواع الإثارة ضد المجتمع ,واللغة والدين والعقل.ان الشعور بالتمزق سببه الخيانة ,خيانة أم رؤوم لأب وفيا ,خيانة زوجها الملك (كلوديوس) / (claudius) وقتله بمساعدة وبمشاركة الجريمة عشيقها العم والأخ. قلق الشباب في عمر هاملت خطر عليه في مثل هذا السن, وعلى اصدقائه ايضا في عالم مابعد الملك والمملكة ,كما يفسر احساسهم بالعبث واحتجاجاتهم الصريحة التي وجدت في تباشير الهاملتية ,التي اوشكت بدورها ان تصير تيارا او مدرسة او مذهبا فنيا او معبرا عن حالتية مرضية نفسية ما
الفعل المحاكاتي ومحاكاة الفعل:
يبدو حتى يكون الفعل اكثر تأثيرا لجأ الكاتب الإنجليزي تشكسبير,الى الفعل ومحاكاة الفعل ,الحدث الدرامي والأثر نفسه الذي يخلفه الحدث نفسه ,حتى تبدو المحاكاة, محاكاة داخل محاكاة أخرى اكثر منها .وبالتالي تبدو الدراما بأجملها ما هي الا دراما داخل دراما داخل دراما جبارة اكثر منها ,حتى تبدو (هاملت) داخل (الفخ او / المصيدة ) داخل (الحياة) على اعتبار الحياة اكبرمسرح على الإطلاق واكبر هاملت واكبر مصيدة واكبر عنوان درامي موجود حتى الساعة.
هاملت (منشدا)/ يا قاضي اليهود ,ياعظيم الكنز لديك
بولنيوس / ما الذي كان لديه من كنز يا مولاي؟
هاملت/ ابنة حسناء ,لاغيرها ,احبها حتى العبادة
هذا استهلال عاطفي يستهل به هاملت البطل مخرج ومؤلف العمل المسرحي المصيدة ,وهنا يظهر تشكبير ينزاح تماما عن عمله الدرامي حتى لايبدو انه صاحب الفعل ,كما يظهر هاملت كاتب ومؤلف ومخرج حقيقي وليس من محض خيال كاتب عظيم مثل تشكسبير. في الواقع (المصيدة) عنوانا خارجيا ,لكنها في الواقع محاكمة , وغرفة عمليات تحقيق ,أمام مجرمين من نوع أخر من مخيال البشر ,وعلى البشر في آن واحد ان يتبرأمن العمل حتى يبدو أكثر جرأة وأكثر واقعية,محاكمة المجرم بالقاعة ولكن لاأحد يجرؤ ِان يوجه له التهمة مباشرة ,الا عن طريق غير المباشر و المحلفين والمحامين والقاضي والنص التشريعي المادة والقانون والمحاكمة ثم العقاب او البراءة
اذا كانت هاملت جاءت كقضية غير صريحة غير جريئة,يبدو المصيدة من حيث هي مسرحية داخل مسرحية جريئة جدا ,تكاد توجه التهمة ومباشرة لأصحابها دون خوف او تردد ,حتى ان كان أصحاب الفعل من أهل القصر ,أصحاب القانون فوق القانون ,او هم نصبوا انفسهم كذلك لكن,كانت لابد للمسرحيتين المتحدتين المركز ,المتفارقتين بالهامش ان تأخذا مجراهما حتى تسدل الستارة الموحدة بالمسرحين وبالإخراجين وبالجمهور الواحد المسند له الفعل,والمستهدف.من جهة أخرى كان لابد للعدالة ايضا ان تاخذ مجراها ,ولو انها عدالة شعرية,من حيث يعمل فيها المسرح الكذب قاعدة ,الإتفاق على الكذب ,ان يكذب الكاتب على شخوصه ,وان يكذب الممثل وممثل الممثل على الممثل وعلى الجمهور وعلى القارئ في كل مكان وفي كل زمان ,الإتفاق على الكذب,بين المتحدث ومابين المستمع ,يوشك ان يصير الكذب قانونا للمصيدة,اما قانون محاكمة هاملت ,هو اذا ما تعلق الشعب بشيئ – منذ ما قبل الميلاد – صار قانونا , هاملت يمسك بقضيته العادلة اغتصاب الملك من طرف والدته وعمه ,انه يمسك بعناصر اللعبة – من حيث المسرح لعبة عميقة الجذور ,حتى ان كانت فاقدة التوازن ,قائمة على عنصر القلق – القصد منها اعادة التوازن بين المسرحية الأم هاملت وجمهورها وبين الهاملتية والحياة اجمالاهاملت يكون قد أمسك بقواعد اللعبة ويقوم بإعادة توزيعها حسب قاعدة الغناء وعدالة الرقص من خلال مقولته التاريخية والشبيهة بالتاريخية وما قبل التاريخية والى الأبد /كن اولاتكن ,تمة المشكلة؟
العوالم المتداخلة:
بقدر ما كانت هاملت اجمالا فرجة ومتعة ثري الرجل البريطاني الحاكم العرش والتاج والصراع على السلطة والولاء بطريقة او بأخرى للقصر الملكي ,تبقى من جهة اخرى وعبر ما حاكه هاملت من محاكاة المصيدة لعمه ولأمه الا نموذج للسجان والجلاد ,شبيهة بغرفة التعذيب ,حين سلط كل انواع العذابات النفسية على قتلة والده الملك ,كانوا وهم يتفرجون على ما أقترفت ايديهم ,كأنهم يعيدون تمثيل مشاهد الجريمة بكل تجلياتها ,ليس أمام الشرطة وقاضي التحقيق ,وانما امام كافة قضاة ومحققي العالم ,بل امام كافة سكان المعمورة.لايقوم فيها السر الهاملتي الدرامي على القلق في بلد منذ القدم يتصف بالبرودة في كل شيئ (المملكة العظمى) ,بل يقوم بالدرجة الأولى على اثارة معنى فلسفي للحياة ,بمعنى ان هذا العالم الذي نعيشه ,ما هو الا صورة لعالم اخر داخل عالم جبار اكثر منه ,مسرح داخل مسرح ,وقضية داخل قضية ,لأن يصير لغزا ,على المتتبع ان يفك وان يجيب على كل الغاز العالم والدراما بشقيها التراجيدية والكوميدية ,من لغز اوديب ملكا ,الى لغز هاملت ابن الملك.
في الأخير تبدو الهاملتية أكثر من مجرد حالة ,تتطلب العلاج والوقوف عندها باستمرار ,لكن يجب ان نعلم الظروف التي بعتثها الى الوجود الدرامي الفني ,جاءت كغيرها لتطرح قضية عادلة سيظل الإنسان يدافع عنها باستمرار حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهي :هل الجريمة تفيد؟ تبدو الإجابة معلنة منذ البدء ,ان هذه الحياة قائمة على العدل ,وان المجرم مهما كان ,حتى ولو كان ملكا ,سيكتب في فهرس المجرمين ,وستطاله يوما يد القدر ولو كان في قصور مشيدة.هاملت نموذج للعدالة المنشودة ,عندما تفصل العدالة على السياسة والفصل بين السلطات قديما وحديثا ,والتغيير المنشود لايكون عن طريق الإنقلابات والإغتيالات السياسة ,وانما الخير وكل الخير فيما اختاره الشعب ,من حيث صوت الشعب دائما ,من صوت الإله,ومن حيث تلك الفكرة التي تغير وجه المحيط بل وجه العالم
***********************
***********************