جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
هكذا أصبحت شاعرا
.............يوسف الطويل............
حين تكون شابا تستقبل الحياة وتخرج من البيت في صباح يوم صيفي ، ولم يغمض لك جفن في ليلتك السابقة بسبب الحرارة السرمدية ورياح الشهيلي التي لا تعرف الهدوء ، وتستقبلك تلك الوجوه التي جمعت بين البؤس والخبث والبشاعة ، تخرج كأنّك بعثت من قبر تنفض الرمال العالقة بك من أثر نومك في العراء بلا فراش ولا غطاء على الرمل مباشرة ، وموسيقى البعوض لم تزلْ تتردد في سمعك ، تخرج تحيط بك الغربة فجميع أقرانك في الحي على الشاطىء أو عند أقارب لهم في الشمال و أنت فقير لا شمال ولا بحر لك ، كلّ وسائل الراحة والرخاء عندك مكيف قديم صوته كصوت طائرة نفاثة وموعد تشغيله لا يتجاوز ساعات الظهيرة الثلاثة إن لمْ تقطع شركة الكهرباء عن الحي الكهرباء ، فقطع الكهرباء يتم بالتناوب بين الأحياء ، ومع هذا عليك التبكير لتحجز مكانا مناسبا تصيبك فيه بعض البرودة ، فليس في الغرفة عائلتك وحدها بل جيرانك في الشارع الأخر الذين هذا اليوم يوم قطع الكهرباء عليهم ، تخرج ومعك قارورة ماء وتتخذ طريق مزارع النخيل لتصل إلى مزرعة جدّك لتقطف حبّات الرطب وتنزل وكأنّك عائد من حرب من كثرة الخدوش والأشواك المنغرزة في جسدك الطفولي الغض ، تخفي غنيمتك تحت كومة منْ جريد ، ثم تواصل المسير حتى تتجاوز مزارع النخيل وتبلغ أطراف الصحراء ، لتصطاد السقنقور ( الشرشمان ) أو حتى أرنبا بريّا تجده على حافة الموت لأن البركة التي كان يشرب منها جفت ، أوربما تتمكن من فنك أو قنفذ ، فتعود بعد أن زادت سمرتك درجة من أثر الشمس والملح الذي يغطي جسدك من الماء الذي تستحم به وتشرب منه ، تخرج وأنت تعلم أن الغداء حبّات رطب مع لبن خضيض نزعت زبدته ، وبعده طماطم مقطعة مع الفلفل الحار وزيت الزيتون وبعض الملح ، لتختم المائدة ببرج بطيخ يكون حامضا في العادة ، تخرج والوجوه البشعة تترصد خروجك ودخولك لإستلاف غرض منك أو الحصول على بعض الرطب الذي أتيت به ، أو لأجل الصعود للسطح لتعديل البرابول الذي تحرك بسبب الشهيلي ، أو لأجل أخذ سقتقورك منك لأن ابن الجارة يصرخ من الأمس لأجل واحد ، تخرج والوجوه نفس الوجوه لا تزال تتبع الظلال في نميمة وغيبة وحسد يزداد كلّما زاد لهب الصيف ، تخرج لتعود تفتش في الكتب القديمة عن سطر لم تطلع عليه بعد فتكرر قراءة كتاب ما للمرة الحادية عشر وأنت تقنع نفسك أنها المرة الثانية ، تخرج ونهار الصيف كنهار يوم القيامة لا يكاد ينتهي فتعدود للمرة التي لا تعلم عددها وأنت تبحث عن ذرة جمال في وسط هذه الوجوه فلا تجده ، تحمل قلمك لتصنع الجمال الذي تتصوره وتبحث عنه لكن عليك أن تتحمل وجعك الجديد الذي سيصحبك كداء مزمن لبقية موتك الذي تسميه جزافا حياتك ،وأنت لحد اللحظة ما زلت تبحث عن الجمال المنشود والوجوه البشعة التي تقابلك كل صباح زاد عددها وزادت بشاعتها ، لكن لا تبتئسْ يا صديقي فإن كانت حصتك من الشقاء هي الأوفى فصبرك كذلك هو الأوفى منها . لأنّك .. هكذا أصبحت شاعرا .

***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *