هل الدولة خسرت مثقفيها
======العقيد بن دحو========
* - " يقول ( قس بن ساعدة):
يابني ان وجدت حربا خسيس المحتد يتحكم فيها بكريم المحتد , وشجاعها يجبن وجبانها يجرؤ , ففر منها وانأى الى رابية , فترقب الأحداث فإن بالأمر خيانة ".
كل الدراسات المستقبلية وبحوث الإستشراف تشير الى ان الثقافة انقاذ أولا , قبل ان تكون ذاك التعريف الكلاسيكي النمطي : مجموعة من العادات والتقاليد ودين ولغى وفنون وفلكلور و أداب.
الثقافة ما يجب ان نتعلمه بعد ام نتعلم كل شيئ , وفي نفس الوقت ما يجب ان يبفى بعد ان نخسر كل شيئ.
ولأن الدولة منذ الاستقلال لم تعير اهتماما للثقافة ولا لدور المثقف الخطير , همّش و أبعد عن حقل الإستثمار , بل أعتبر بالغالب انه قطاع طفولي غير منتج , قطاع خدماتي يعيش على المساعدات والتضامن , وتعكسه تلك الميزانيات الشحيحة حتى;Gk في عصر البحبوحة المالية ( بالحاء والخاء والجيم) لم تتجاوز ميزانيتها 01 % !.
ولأن الشمولية كانت السنبلات العشرين العجاف , عاشت الجزائر مرحلة الصمت والصفر الثقافي التي عاشته كل الدول العربية الشمولية الرأسية الأكثر انفتاحا .
صحيح انتقلت سياسيا من الحزب الواحد الى الليبرالية السياسية , ولكن ظلت الثقافة موجهة , تتكبد الخسائر تلو الخسائر , تنهل من ذاك الشعار الأرشيفي , الذي لم يحول الوثائق والبحوث والدراسات والأداب والفنون والنقد الى ملفات ارشيفية , بل الانسان ايضا طووي , كما تطوى الملفات وصار في امر المؤجل.
ولما كل الشعار البيروقراطي : " في يوم واحد وفي مكان واحد يتم فعل واحد " اقتصرت الثقافة لقي رجل واحد وسمي آنذاك بمثقف السلطة , الذي لم ينقذ حتى نفسه ناهيك عن السلطة.
نعنبر ازمة المثقف التي هي ازمة دولة اليوم الى العشرية السوداء والمأساة الوطنية , يوم ضربت الثقافة في مقتل , وقتل اعظم وكبار مثقفيها ومفكريها وادبائها وفنانيها , وصار الفضاء العام فارغا إلا من بعض المنتمين الذي كانوا يقومون بدور ( الحاجب) قديما للسلطان , ينفذ ما يؤمر به , ويقوم بغسي ملاءات ووزر السلطان , كالجوقة الاغريقية او الكورس او حاملة القرابين , الذين لا هم لهم إلا التبجيل والتحميد والتطهير والتكفير والدعاء لصاحب التاج ولآل أهل القصر.
اليوم والجزائر تعيش هذه الأزمة بكل ابعادها السياسية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية , كون المثقف الحقيقي ( المنقذ), من أوكلت له مهمة الإنقاذ سماويا وارضيا ضرب في مقتل , ولم يعد بالإمكان ابداع اكثر مما كان. ولا سيما حينما نصب على ما تبقي من حطام روحهم من عينتهم الولاءات والكرامات والتبركات والتعاويذ.
فلم يعد امام ( البقية صمت) سوى الجنوح الى ارثهم وقضاء وقدرهم ( التهميش) و الإكتفاء بالمشاهدة وحسرتهم عل وطنهم , وعلى هؤلاء اشباه المثقفين وانصاف المتعلمين , الذين اعتلوا الكراسي الثقافية .
لم يعد بوس!عهم إلا الدعاء والتضرع ورفع الأكف الى السماء لإنقاذ ما يمكن انقاده على المستوى المحلي والمستوى الوطني , وكل شيئ امامهم مسّته لعنة يدي ( ميداس) الأسطورية الاغريقية , هذا ان كانوا يعرفون المعنى اللغوي والاصطلاحي والفقه اللغوي الفيلولوجي لمعنى كلمة اسطورة , ناهيك عن شخص ( ميداس ) !.
كل ما في الأمر , الأمر يرقى الى درجة خيانة ثقافة وطنية والسلام.
***********************
***********************