لا تعدْ
........
وقف الظلّ أمامي وأنا
منهمك على هاتفي ، وصدر عنه صوت أجشّ ، هل أنت يوسف الطويل ، رددت نعم يا سيّدي
وأنا أرفع رأسي بحذر فإذا هو رجل طوال كث اللحية جميل المحيا تعلو جبينه سمرة عذبة
، أشبه ما يكون برايس وهاب مبلوحي ، ثيابه كثياب ممثلي الأفلام التاريخية غير أنها
أكثر تناسقا ، أردف الظلّ ألست القائل
:
جــدّي المهلــهل
والفـرزدق صاحبي
عـمّـي جـريــر وخـالتي
الخنـســـاءُ
فأجبت بفخر وخيلاء نعم
يا سيّـدي فقال :
عيب وعار عليك أنْ
تنتسب لعربيد بكر بن وائل وشيخا بني تميم وتلك المرأة التي تنوح على أخويها ،
وتنساني وأنا الذي يكتظّ بي التاريخ وتناقلت أخباري الرواة ، وتمثل الشجعان
بشجاعتي ، وأنا فارس الحرب والحبّ ، فصحت صيحة كصيحة عاد وثمود ، تكاد تنشق الأرض
من هولها : عنترة بن شدّاد .
أجاب ويده على غمد سيفه
بلى يا هذا ، فأصابني ما أصابني من الفرح الممزوج بالرهبة منه ، فأغتنمت الفرصة
لأحدثه عن نبي بعث بعده في قريش وعن فضائل الأخلاق التي يدعو لها ، ففهم ما
يخامرني لأنّ لديه بديهة سريعة ، قال لا تخف يا صديقي فحن أهل الجاهلية لا نعدم
أخلاقا فاضلة والدليل حديث نبيّكم عليه الصلاة. السلام ( إنّما بعثت لأتمّـم مكارم
الأخلاق ) إنّما قطعت كل هذه المسافة من البلاد والزمن لأطالب بحقّي من قرابتك
الشعرية وهي فخر لك لا لي لو تعلم .
فحاولت تصحيح الموقف
وقلت له يا فارس بني عبس لو كان الأمر بيدي لزوجتك عبلة وقلدتك وسام أشجع شجعان
الدهر ، فضحك ضحكة لا تشبه ضحكة فريد شوقي الذي مثل دور عنترة بل تنساب كالماء
الزلال من قربة صنعت من جلد ظبي لم يفطم ، قال حتّى لو عاد الزمن لن تفعل حتّى لا
يفوتك شعري الذي بثثت فيه أشواقي لها ولواعج نفسي ، وشغفي بها وبوصلها .
فحينها طاف بي هاجسي
فقلت له هلْ يرضيك أن أصل قرابتك بهذه الخريدة :
--------------
إنْ لـمْ تـكنْ تـجمع
الأغراب أنسابُ
لا تـبـتئسْ إنّـمـا
الأغـراب أصـحابُ
بـلْ نـحن إخـوة هـمس عـند غربتنا
فـــلا تــقـلْ إنّـنـا
بـالـهمس أغــرابُ
إنْ كــان عـصـرك بـالـنكران مـلتبسا
فــإنّ عـصـري لــه
الـنـكران جـلبابُ
عـصري بـه عـجم دان الـوجود لهمْ
ونـحـن نـمـضي لـنا لا
يـفتح الـبابُ
الروم سادتْ وسال العدل في دمها
ويـحـكـم الـعـرب
الأحــرار أعــرابُ
لا عـبس لا قـيس لا عيلان تبصرها
لا شــعــر لا نــثــر
لا آداب تـنـسـابُ
تـداخـل الـوقـت والـسـاعات تـائهة
شبّ الشيوخ وشاب الشاعر
الشابُ
وأصـبح الـفحل يمضي لا دروب له
ويـسـلـك الـفـخـر
قـــوّادٌ وحـــلابُ
والـخـيل تـركض لا فـرسان تـركبها
أمّــا الـسـيوف فـعـند
الـجِـدّ ألـعابُ
والـعـشـق صـــار مـواعـيـدا مـهـرّبة
وفـيـه أصــدق أهـل
الـعشق كـذّابُ
تــفـرّقـتْ فــــي مـنـافـيـها قـبـائـلنا
بـنـفسه صــار حـتّى
الـنخل يـرتابُ
فلا الصحارى صحارى في مواطنها
ولـلـغـريب لــهـا
شـــوق وإعــجـابُ
إلــيـك عـنـتـرة الـعـبسيّ مـعـذرتي
بـعـد الـحداثة نـصف
الـعرْب كـتّابُ
***********************
***********************