من أحاديث النفس :
************
1 ــ يردد كثير من المسلمين سنويا بمناسبة الهجرة النبوية المباركة النشيد الجميل ( طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ) ، ويتوهمون أنه كان إبان دخوله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة ، قادما من مكة المكرمة ( مهاجرا ) ،
وبالتحقيق والتوثيق يتبين خطأ هذا الفهم ، إذ أن هذا النشيد كان يوم رجوعه صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فى عام 9 هـ ( وهى آخر غزواته صلى الله عليه وسلم )
وحيث أن تبوك تقع فى شمال المدينة وليست فى جنوبها ، فإن ثنيات الوداع هى أول ما يقابله حين دخوله المدينة ، ثم إنه يوم دخل المدينة قادما من مكة ( مهاجرا ) ، كان كثير من الأنصار لايعرفونه شخصيا ،، حتى إن بعضهم نظر فوجد الصديق رضى الله عنه يظلله ، فعرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولم يذكر أحد من المؤرخين الثقات نشيدا أنشد يوم قدومه صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا ،
وإن شئت فقل : إن قدومه عليهم كان أجل وأسر من أن ينشدوا نشيدا ،،،
وبالإضافة إلى ما سبق ، فإن هذه البلدة المقدسة كانت تسمى آنذاك باسم يثرب ، وما سميت باسم المدينة إلا من بعد الهجرة النبوية الميمونة المباركة .
فهى المدينة المنورة بنوره صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله .
********************************
2ــ لايزال المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها حتى يومنا هذا يحتفلون بالمولد النبوي الشريف فى يوم 12 من شهر ربيع الأول سنويا ،،،
وبالتحقيق الموثق المحقق عن أولى العلم الثقات كان مولده صلى الله عليه وسلم فى فجر اليوم 9 من هذا الشهر المبارك الأغر الميمون الموافق ليوم 20 ابريل من عام571 م .
وفى هذا كتب العلامة المصرى الكبير محمود باشا الفلكى ( 1815م ــ 1885 م ) كتابا قيّما ، فصّل وبسط فيه القول محققا وباحثا ، بتدقيق وتحقيق وتوثيق ، لا نقص فيه ، ولا مزيد عليه ، ومثبتا بالأدلة والبراهين والقرائن النقلية والفلكية أن المولد الشريف كان فى يوم 9 من شهر ربيع الأول وليس 12 منه ،
هذا الكتاب القيّم عنوانه :
[[ التقويم العربي قبل الإسلام وتاريخ ميلاد الرسول وهجرته صلى الله عليه وسلم ]] ،،
ولهذا فقد طبعته ونشرته الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ضمن إصداراتها ( الكتاب الثالث في جمادي الأول عام 1389هـ الموافق يوليو عام 1969 م ) ،
وقد كان آنذاك الإمام العلامة الجليل صاحب الفضيلة الأستاذ دكتور/ عبد الحليم محمود ، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله تعالى هو الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية ، فقدّم لهذا الكتاب تقديما بليغا ، استوعب أربع صفحات ، واصفا إياه بأنه بحث رائع ، واسلامي مبتكر ، فيه عمق وأصالة .
وأما عن التقرير المحقق الموثق بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ولد فى يوم الاثنين 9 ربيع الأول الموافق 20 أبريل عام571 م ـــ وهو بيت قصيدنا ـــ فقد استعرض محمود باشا الفلكى في سبيل تحقيقه وتوثيقه عددا كبيرا متنوعا من الروايات والأقوال والتفسيرات المتعلقة بذلك ،
وغني عن الذكر أن منها كتب السيرة النبوية والحديث الشريف ،، فضلا عن غيرها ، من مثل السيرة الحلبية ، والجفر الكبير للإمام الخلال ، ومروج الذهب ومجمل التواريخ للمسعودي ، ومختصر التواريخ لإبن أبي إلياس المعروف باسم العميد ، وكتاب القرانات لأحمد بن عبد الجليل وأسرار الكواكب ، وما كتبه المؤرخون ، فضلا عن المخطوطات العربية المتعددة ، بالإضافة إلى ما كتبه الفلكيون الغربيون مما جاءت الإشارات إليها في الكتاب .
ثم استعرض رحمة الله عليه الجداول الفلكية ، فبحث فيها ، وقارن بينها ، حتى انتهى إلى إثبات وتسجيل حساباته ونتائجها بالضبط ، واختتم بحثه القيم ، مسجلا بكل ثبات ويقين التحديد الدقيق المحقق الموثق ليوم ميلاده صلى الله عليه وسلم ،،
ونص بيانه كما يأتى :
( إن الاجتماع الحقيقي للقمر قد حدث طبقا لجداول لارجتو المختصرة في العاشر من ابريل سنة 571 م السـاعة 9 والدقيقة 41 تقريبا بعد منتصف الليل بحساب الزمن الوسط لمكة ،، وما كان يمكن رؤية الهلال بالعين المجردة إلا يوم 11 مساءاً . . .
وإذن فإن الشهر القمري العربي الموافق لابد أنه ابتدأ يوم الأحد 12 أبريل ، وقد ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم طبقا للآراء الجديرة بالثقة يوم ( 8 أو 10 أو 12 ) من الشهر القمري ،
وكان يوم ولادته صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين كما هو المتفق عليه باجماع الآراء ،
ولما لم يكن بين يوم 8 ويوم 12 من هذا الشهر القمري يوم اثنين إلا يوم 9 منه ،،، فإننا لا يمكننا أن نعتمد غير هذا اليوم يوما لميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ،
وإذن فإني أختم هذا البحث مقررا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد ولد يوم الاثنين 9 ربيع الأول الموافق 20 أبريل سنة 571 م ) . آهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لطيفة :
لى مصنّف بعنوان ( مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ) يفنّد قول المانعين ، سجلت فيه أقوال كثير من ساداتنا العلماء والفقهاء والأئمة والأعلام الذين قالوا بمشروعيته :
الإمام محمد ماضي أبو العزائم ( ت 1356هـ ) ، و الإمام عبدالحليم محمود ( ت 1397هـ ) ، و الشيخ حسنين محمد مخلوف ( ت 1410 هـ ) و الإمام الشعراوي آخر المجددين ( أى فى عصرنا ) ، ومن قبلهم الأئمة الحسن البصري ( ت 110 هـ ) ، والحافظَ سبط ابن الجوزي (654 هـ ) ، و شيخ الإسلام الإمام تقي الدين السبكي رئيس علماء الشافعية بمصر ( ت 756هـ) ، و شيخ النووي الحافظ أبو شامة شهاب الدين عبد الرحمن الشافعي ( ت 665 هـ ) ، و الإمام النووي ( ت 676 هـ ) ، والعلامة الإمام ابن الحاج العبدري الفاسي ( ت 737 هـ ) ، و الحافظ ابن كثير( ت 774هـ ) ، والإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي ( ت 792هـ ) ، وشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني (ت 805 هـ) ،و الحافظ العراقي (ت 806 هـ ) شيخ ابن حجر العسقلاني ، وإمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري ( ت 833هـ ) ، و الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي ( ت 842 هـ) ، وشيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) ، و الحافظ شمس الدين السخاوي ( ت 902 هـ) ، والإمام المجدد التاسع الجلال السيوطي ( ت 911 هـ ) ، والإمام القسطلاني ( ت 923 هـ ) ، والحافظ وجيه الدين عبدالرحمن ابن الديبع ( ت 944هـ ) ، والحافظ ابن حجر الهيتمى (ت 974 هـ ) ، والإمام أبو القاسم الجنيد ( ت 297 هـ ) ، والإمام عفيف الدين اليافعي ( ت 768 هـ ) ، و الإمام الخطيب الشربيني ( ت 977 هـ ) ، والحافظ المجتهد الإمام ملا علي قاري ( ت 1014هـ ) ، والشيخ نور الدين الحلبي ( ت 1044 هـ ) ، و الشيخ أحمد زين دحلان مفتي الشافعية فى مكة ( ت 1304هـ ) ، والحافظ ابن رجب الحنبلي ( ت 795 هـ ) ، والشيخ محمد رشيد رضا ( ت 1354هـ ) ، والدكتور أحمد الشرباصي ( ت 1400 هـ ) ، وغيرهم كثير وكثير،،
كما أدرجت فتوى بمشروعية الإحتفال بالمولد النبوى الشريف صدرت عن دار اﻹفتاء المصرية برقم 1267 لسنة 2005م.
هذا ،، والله أعلى وأعلم ،،
ويطيب ويحسن فى كل حال وحين الحمد لله رب العالمين .
صلاح جاد سلام
***********************
***********************