محال
الملابس القديمة (البالة) أيام زمان
في مخيم المحطة هاني الهندي
لاحظت عزيزة تجهم وجه منصور وتغيّر لونه عندما ذكّرته أن الشتاء على الأبواب، شعر أنها عكّرت صفو ليلته فاعتذرت، قال لها: لا عليك فإنني أعرف أن الشتاء ينبت الثمر ويغسل أوراق الشجر، أعرف أن المطر المتساقط على ألواح" الزينكو" المهترئة التي تغطي سقف الغرفة سوف يتسلل إلى بقايا كيس الطحين، أعرف أن الأطفال بحاجة إلى ملابس شتوية، أعرف الكثير عن فصل الشتاء يا عزيزة.
سقطت دمعة من عينيها بهدوء نفذت إلى قلبه .
قال: هوني عليك، ما يزال في جيبي بقية الراتب.
قال أحد الأطفال: هل نذهب معك غدا يا أبي ؟
ـ نعم
ـ وهل نشتري كل شيء ؟
زجرته عزيزة وهو يهزُّ له برأسه .
في اليوم التالي توجه مع أطفاله إلى سوق الملابس القديمة، في آخر مخيم المحطة، هو السوق المناسب الذي يمكن أن يبتاع لأطفاله منه بعض الملابس الشتوية، سيبتاع لكل واحد منهم قطعة واحدة، نعم قطعة واحدة تكفي هذا الشتاء.
دخل محلا لبيع الأحذية القديمة، قطوف الأحذية تتدلى من السقف البراكيّة، حاول ألا تمسَّ تلك القطوف رأسه، وفي اللحظة التي طرقت رأسه بصق عليها، ضحك أطفاله فتمتم: حتى نعالهم العتيقة تطرق رؤوسنا !؟ خرج ناقما، لن يشتري من هذا المحل، ثم دخل محلا للملابس، كان أطفاله ينظرون إلى الملابس المعلّقة بفرح، يعتقدون أن كل واحد منهم سيخرج بقطعة واحدة على الأقل.
أعجبته قطعة بمقاس أحدهم، سأل البائع عن ثمنها فقال: بخمسة دنانير.
وضعها من يده وقال: أريد قطعة مستعملة.
ابتسم البائع وهو يهزّ رأسه: إنها مستعملة.
قال: أريدها أكثر استعمالا.
انتشرت هذه التجارة في المناطق الشعبيّة، وفتح أبو السعيد الأسمر محلّه أول جسر النور، وأبو عزات السبعاوي استأجر من محمود قاسميّة محلاً في السوق مقابل تكية أم علي اليوم، أما بقية المحلات التي فتحت في المحطة فلم تستمر طويلاً، منهم من غيّر تجارته و منهم أغلق محلّه.
وفي خطوة قامت بها أمانة عمان منتصف الثمانينات بترحيل بسطات البالة التي كانت في شارع قريش (شارع سقف السيل) من منطقة شعبيّة تُعرف بالجورة إلى
منطقة المحطة مقابل البريد القديم، ومازال السوق قائماً حتى الآن.
في مخيم المحطة هاني الهندي
لاحظت عزيزة تجهم وجه منصور وتغيّر لونه عندما ذكّرته أن الشتاء على الأبواب، شعر أنها عكّرت صفو ليلته فاعتذرت، قال لها: لا عليك فإنني أعرف أن الشتاء ينبت الثمر ويغسل أوراق الشجر، أعرف أن المطر المتساقط على ألواح" الزينكو" المهترئة التي تغطي سقف الغرفة سوف يتسلل إلى بقايا كيس الطحين، أعرف أن الأطفال بحاجة إلى ملابس شتوية، أعرف الكثير عن فصل الشتاء يا عزيزة.
سقطت دمعة من عينيها بهدوء نفذت إلى قلبه .
قال: هوني عليك، ما يزال في جيبي بقية الراتب.
قال أحد الأطفال: هل نذهب معك غدا يا أبي ؟
ـ نعم
ـ وهل نشتري كل شيء ؟
زجرته عزيزة وهو يهزُّ له برأسه .
في اليوم التالي توجه مع أطفاله إلى سوق الملابس القديمة، في آخر مخيم المحطة، هو السوق المناسب الذي يمكن أن يبتاع لأطفاله منه بعض الملابس الشتوية، سيبتاع لكل واحد منهم قطعة واحدة، نعم قطعة واحدة تكفي هذا الشتاء.
دخل محلا لبيع الأحذية القديمة، قطوف الأحذية تتدلى من السقف البراكيّة، حاول ألا تمسَّ تلك القطوف رأسه، وفي اللحظة التي طرقت رأسه بصق عليها، ضحك أطفاله فتمتم: حتى نعالهم العتيقة تطرق رؤوسنا !؟ خرج ناقما، لن يشتري من هذا المحل، ثم دخل محلا للملابس، كان أطفاله ينظرون إلى الملابس المعلّقة بفرح، يعتقدون أن كل واحد منهم سيخرج بقطعة واحدة على الأقل.
أعجبته قطعة بمقاس أحدهم، سأل البائع عن ثمنها فقال: بخمسة دنانير.
وضعها من يده وقال: أريد قطعة مستعملة.
ابتسم البائع وهو يهزّ رأسه: إنها مستعملة.
قال: أريدها أكثر استعمالا.
انتشرت هذه التجارة في المناطق الشعبيّة، وفتح أبو السعيد الأسمر محلّه أول جسر النور، وأبو عزات السبعاوي استأجر من محمود قاسميّة محلاً في السوق مقابل تكية أم علي اليوم، أما بقية المحلات التي فتحت في المحطة فلم تستمر طويلاً، منهم من غيّر تجارته و منهم أغلق محلّه.
وفي خطوة قامت بها أمانة عمان منتصف الثمانينات بترحيل بسطات البالة التي كانت في شارع قريش (شارع سقف السيل) من منطقة شعبيّة تُعرف بالجورة إلى
منطقة المحطة مقابل البريد القديم، ومازال السوق قائماً حتى الآن.
***********************
***********************