يوسُــفُ
الصِدِّيق ( قصة سيدنا يوسف مما ورد في القرآن الكريم) ..
بهاء الدين بدوي
نظمها على نهج بردة الإمام البوصيري
يروي علينا الإلهُ أحسـنَ القَصـــصِفي سورةٍ أُنزِلت موفورةِ الحِكَــمِ
حلاه رب السما بالنور والوسـم
كالبدر في حسنه يخطو على قـدم
فهو الكريم الذي يزدان بالشيــم
ذرية أكرمت أنظـر لجدهــــم
رؤيا رواها عليه رآها في الحلـم
خروا له سجداً ملقين بالسلـــم
وباتوا في غلهم يغلون كالحمــم
وقال ينصحه إحذر من النقـــم
هيا ودعـه لنا يرتع ويســتهـم
ألقوا الفتى وحده في الجب والظلم
ظنـوا بأن البكـا قد يخفى اللـؤم
جهلوا بأن الريـاء غير مكتتــم
ماكان ذئباً ولكن كيد مكرهـــم
بالصبر والتسليم غير منهـــزم
فاستبشروا وشروه بأبخس القيـم
فقال لزوجـه ياطيب مغتـنــم
أو نتخذه لنا كالإبن والرحـــم
وكان مع حسنه في رقـة النسـم
عن نفسها والفتى بالله معتصــم
هرباً الى ربه والأمر منحســـم
والنفس حين الهوى لاتأبه اللجـم
وإن كيد النسا هيهات ينهـــزم
بأن يوسف حتماً غير متهـــم
تسلوا عزيز البلاد وبالفتى تهــم
ليرين من ذا به هامت ولم يهــم
سبيت عقولهن وهو محتشـــم
أن يسجنوه ليخرس كل من يلــم
كيد اللواتي لهن غرائز البهـــم
عهدوا بيوسف علماً فوق علمهـم
الخبز أحمله للطير والرخــــم
يعصر مداماً له من أيكة الكُــرُمِ
تأويله للرؤا إرث من القــــدم
وأما ساقي الملك يبرأ من التهــم
والله فرد أحـد أنشانا من عــدم
نادى على قومه أفتوني في حلمـي
عجف ويأكُلَنّ مثلهم دســـــم
ومثلهن سنابل لاندى بهـــــم
عجزوا ولم يعلموا فالعلم منعــدم
فضلا تجلى به بالنور والحكـــم
قـروا له كلُهم بالعلم والعظـــم
وحبل الله دوماً غيـر منفصـــم
وولى يوسف حكماً فيه يحتكـــم
ميزانه يستوي بالعدل والقيـــم
وعلم الله هدى ينجي من الظلـــم
وأضحى في قومه للعز مستنـــم
من بعد جدب طغى بالأرض والأكـم
وقد أحاط بهم الحاذق الفهــــم
والقلب في شوقه للعقل يحتكـــم
فإن رأيت أخاكم تحظوا بالنعـــم
فلن ترون هنا كيلاً ولا ذمــــم
ليفعل الله أمراً كان منحســــم
عرفوا بأن العزيز صادق الكلـــم
وجرح يعقوب ينزف غير ملتئــم
يترك أخاهم لهم يكتل ويغتنـــم
أن يقسموا عنده بأعظم القســـم
رحلوا لمصر لكي يحظون بالقسـم
والنصح من مثله فيض من الحكـم
لغاية عنده تخفى عن الفهــــم
ودوا بأن يغنموا بالمير والنعـــم
شيم الكرام به حاشـاه ينتقــــم
والروح عند اللقا تهفو الى الرحـم
وقال لاتبتئس قد زالت الغمــــم
ينجي عباداً له من جوف ملتقـــم
من ينصرن الإله’ غير منهـــزم
ولكل مبتدإٍ خبرٌ ومختتــــــم
وكانوا قد أكرموا بالمير كلهـــم
سرقت صواع الملك والكل متهــم
ماجئنا نفسد أو نسرق بأرضكــم
ردوا يجازى به رقاً على الجــرم
بأن يدسوا الصواع برحل أصغرهم
صاعاً وهم يعلموا والسر مكتتــم
بهتوا ولم ينطقوا وليسوا بالبكــم
له شقيق أتى بالفعل من قـــدم
وأبى الكبير أبد يبرح لدارهـــم
قصوا عليه الحجى مبدين صدقهـم
وأضحى في قومه حرضاً كما العدم
ماأصعب الدمع إن فاضت على هرم
جاروا ولم يلزموا في حمية النـدم
يأتي البلاء كمثل السيل من عـرم
وعينه أبيضتا من ظلمة الألـــم
بكن يكن ويأتي البشر مرتســـم
بقلب إبن الخليل فهو لن يضـــم
عن يوسف وعساه الشمل يلتئــم
إن الظنون مـداد اللوح والقلــم
أن العزيز سيعفـو عن عزيزهــم
والفقر قد هدنـا والقحط في الأكـم
والله جـل عـلاه يجــزي بالنعم
أفضى وذكرهم بجــل فعلهـــم
من الإله علينـــا بـارئ النسـم
وأبدى يوسـف لهم عفوا بلا نقـم
وقال ألقوا به في وجه شيخكــم
وهذا أمر الذي أنشانا من عــدم
ليكمل المبتـدي في حسن مختتـم
وكان في داره بالصبر ملتـــزم
وهذا ريح الحبيب ولست بالوهـم
وأتى البشير اليك بالقميـص رمي
ونور القلب بضي العين منسجـم
لجأوا لوالدهم يدعو لربهــــم
فهو الغفور الذي قد جـاد بالكرم
والأب من شوقه والوجـد لم ينم
في وصف يوم اللقا سيعجز القلم
وقال مرحى إدخلوا بالأمن والسلم
سجدوا له مثلما قد كان في الحلـم
وهذا تأويل ماقد كـان مكتتــمِ
لتكتحـل مقلتي بالأب والرحــم
تنـام عين الورى واللـه لاينــم
وكل مستعصـم بالله لن يُضَم
على النبي الذي أنجانا من ظُلَمِ
***********************
***********************