ماذا
تريدون من المثقف أن يفعل اكثر
العقيد بن دحو
العديد اليوم ومن جميع الأطراف يلوم المثقف ( الغرامشي) وغيره من
سكوته الصامت السامت.
والحراك لا يهدأ والتصراء الطرف الأخر على أشده ايضا.
وبغض النظر عن من كان الضحية ومن كان الجلاّد المثقف اكبر واكثر فئة
من دفعت الثمن غاليا , منهم من استشهد بلا طائل ومنهم من ظل مصدوما حتى الساعة.
مالذي منتظر من المثقف اليوم , والثقافة والمثقف ذات طبيعة هشة أول
ضحايا الأزمات سواء ابان السلم او السلم المتأزم , ناهيك ان كان الحدث حربا.
وفرضا اليوم لابد للمثقف ان يقول كلمته حتى ان كانت مرة , حتى ان كانت
تبعده وتهمشه اكثر مما هو اليوم مبعد ومهمش. وهو يرى مؤسساته ومرافقه العامة
تستدمر وتخرب على أيدي ميكيافلية أوليغارشية لا تبقي ولا تذر , حتى ابان المأساة
الوطنية لم تشهد مثل هكذا تدمير للبشر والحجر والشحر. واشباه المثقفين وانصاف
المتعلمين يستنسرون ويغتنمون بالمرفق العام الثقفي الهش اصلا.
ماذا تنتظر من قطاع هجر أهله , وماذا تنتظر من أهله أبعده قطاعه خوفا
من (يغتنم ) معهم او ( يسينسر ) معهم ما تبقى من الكعكة الثقافية المريضة.
وحتى ان راهنت الدولة او السلطة على بعض من المثقفين ليكونوا مثقفي
السلطة يدافعون عليها وهذا منطفي وطبيعي في عالم السياسي , من حيث كل شيئ يصبح
ممكنا. غي الطبيعي أن حتى هذه الفئة ( مثقف السلطة) همشت وأقسيت من المشهد السياسي
, كون دائما السلطة ترى الى المثقف بعين الذئب وبعين الصديق العدو , وهذا ايضا
طبيعي لا لوم على احد الاطراف دون طرف.
كون أي كتابة او كلمة ينطقها المثقف لفظا ولحظا واشارة ومشهدا تعطى
لها تأويلات أخرى من عالم الكتابة وطفس الكتابة الآسر الساحر.
لا تنتظر اليوم وبعد ان صمت المثقف دهرا ان ينطق كفرا او ايمانا يدخله
( الجنة ) او ( النار) !.....يصنفع ( إما - مع ) !.
لابد من ترميم الجسد والهيكل اولا , أي المرفق العام واعادة ما لله
لله وما لقيصر لقيصر , لابد ان تعود الدار لأهلها من القمة الى القاعدة. أي من
وزارة الثقافة العودة الى المثقف وصولا الى المديريات التنفيذية التي يهيمن عليها
أناس يعرف ويعلم الجميع من عينهم على غير وجه حق لتحطيم وتهديم ما بقي ولم يهدم
ولم يدمر. الجميع يدرك هؤلاء لو خضعوا الى (رائز) أي الى أي امتحان شفهي كتابي لم
ولم ينجح منهم أحدا.
ومادامت التعيينات هي السائد العشوائي ومادامت وزارة الثقافة تمشي
بالانابة فلا تنتظر من المثقف قولا ولا رأيا مهما كان , يلجأ الى الصمت, مقتبسا من
حكمة قس بن ساعدة رأيا في قوله
:
" يا بني
إذا وجدت حربا خسيس المحتد يتحكم فيها بكريم المحتد , وشجاعها يجبن
وجبانها يجرؤ ففر منها و أنأى الى رابية , فترقب الأحداث فإن في الأمر خيانة " !.
عندما يضرب المثقف ويبعد عن دوره وعن مرفقه العام فلا تطلب منه رأيا
ما يحدث اليوم بالجزائر أفقيا وعموديا , كون يعتبر ذلك سيكولوجيا و أنثربولوجيا
وسوسيولوجيا خيانة.
لا تنتظروا من المثقف ان يفعل اليوم اكثر مما فعل بالأمس القريب وهو
يرى لم يعد بالإمكان ابداع اكثر مما كان.
***********************
***********************