الْعُصْفُورُ
_____
كَأَنَّهُ لَمْ يُفْلِتِ الْوُجُودَ إِلاَّ عِنْدَمَا احْتَوَاهْ
كَأَنَّه يَفْرِشُ فِي سَدُومِ الْغَيْبِ كُلَّ مَا اعْتَرَاهْ
مُسَبِّحًا بِالضَّوْءِ وَالْقُدْسِيَّةِ
مُجَاهِرًا بِمَوْتِهِ فِي أَوَّلِ الْفَرَحْ
وَ كُلَّمَا اسْتَحَالَ مَوْتًا ضَمَّهُ الْيَقِينُ ضَمَّتَيْنِ
أَرَاهُ لاَ سِوَاهُ يَطْعَنُ الْوُجُومَ وَ الْبُكَاءَ
كَأَنَّهُ الْنَبِيُّ لَكِنْ فِي دَوَّامَةِ الْمَتَاهْ
..يَفْرِشُ فِي سَدُومِ الْغَيْبِ كُلَّ مَا اعْتَرَاهْ
أَرَاهُ لاَ سِوَاهْ...أَرَاهُ لاَ سِوَاهْ
كَأَنَّهُ مَا مَرَّ إِلاَّ مِنْ بُرُودَةِ الْمَزَارِ
وَ شَيَّدَ الْفُتُوحَ فِي رَبْوَتِهِ الْقَصِيَّةِ
وَ جَرَّبَ الْوُلُوجَ مِنْهُ فِيهِ
كَعَاشِقٍ يَمْشِي بِلاَ عَيْنَيْهِ
يَلْهَجُ بِالْحُلُولِ مِثْلَ ذَلكَ الْعُصْفُورِ
لَوْ يمَّمَ الْصَدَى وَلَمْ يَنَلْ مُنَاهُ
يَفِرُّ سَابِقًا خُطَاهُ وَ الْقَصَائِدَ الْيَتِيمَةَ
يَفِرُّ مِنْ صُدُودِهِ اللَّعِينِ وَ الْخَطِيئَةِ
كَأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ لَكِنْ خَارِجَ الْحَيَاهْ
..يَفْرِشُ فِي سَدُومِ الْغَيْبِ كُلَّ ما اعْتَرَاهْ
أرَاهُ لاَ سِوَاهْ...أَرَاهُ لاَ سِوَاهْ
وَاكْتَمَلَتْ أَمَامَهُ بَقِيَّةُ الْمَلاَحِمِ الْبَعِيدَةِ
كَأَنَّ مَسًّا أَخْضَرًا يَنْخُرُ فِي عِظَامِهِ
يَتِيهُ يَا رَبَّتَهُ فِي مَحْفَلِ الْكَلاَمِ تَارَةً
هَلْ رُبَّمَا يَمِينُهُ جُمَيْزَةٌ تَلْهَجُ بِالدُّعَاءِ فِي الْبَرَارِي
يَا كُلَّ أَقْدَارِي الّتِي تُؤْوِي جُذُورَ النَّارِ
هَا جِئْتُ مَبْلُولاً مَعِي قَدَاسَةُ الْبَيَاضِ
أُلْقِي عَلَى الْجُلَّيْزِ مَا فِي جُبَّتِي فَاحْتَمِلِينِي مَرَّةً
لاَ يَفْقَهُ الْأَغْرَابُ كُلَّ مِا فِي صَمْتِنَا الْمُشَمَّخِ بِالشِّيحِ
لاَ يُدْرِكُونَ مَا فِي قَلْبِ الْعَاشِقِ الْمَذْبُوحِ
تِلاَوَةٌ مِمِّا رَوَاهُ الطِّينُ لِلْإِلَهْ
..يَفْرِشُ فِي سَدُومِ الْغَيبِ كُلَّ مَا اعْتَرَاهْ
أَرَاهُ لاَ سِوَاهْ...أَرَاهُ لاَ سِوَاهْ
_________
بشير ميلودي
***********************
***********************