الطِّيْنُ المَاسِيُّ
شعر: أحمد عبد الرحمن جنيدو
(من ديوان لمن يبكي التراب)
فِـي الـشَّـامِ يَغْـدُوْ المَدَىْ هَـمْـساً
وأنْـفَاســا.
نَبْـضـاً يُـدَغْـدِغُ فِـي الأجْــسَــادِ
إحْـسَــاسـا.
والـشَّـــمْـــسُ مِـئْـذَنـةٌ تُـرْخِـيْ
ضَـفَـائـرَهـا
عَـلَـى جِـبَـاهٍ، فَـيَـصْـحُـوْ الحُـلْـمُ
أقْـوَاســـــا.
والـعِـطْـرُ كـامْـرأةٍ تَـهْـفُـوْ عَـلَـىْ
دَلَــــــــع ٍ
وفِـي
فَــمٍ تَـرْتَـجِــيْ مِــرْآتُــهــا آســــــــــا.
يَقْـسُـوْ عَلَى ضِـحـْكَـةِ الأَطْـفَـالِ
سَــارِقُـها،
يُعَـرِّشُ الـغَـدْرُ حَـيْـطَ الـطُّـهْـرِ وَسـْـوَاسـا.
تَمِـيْـلُ فِـي نِـسـْــــمَـةٍ، غِـيْـضٌ
يُـبَـارِكُـهـا،
قَـلْـبٌ مُـحِـبٌّ، مَـضَـىْ الـمَـلْـهُـوْفُ
مَـيَّـاسـا.
أَنَـا الـمُـتِـيَّــمُ فِـي الإِيْـمَـانِ
أحْـــسـُــــــبُـهـا،
عَـلَـى
رِمَــالٍ مِـنَ الـصَّـحْـرَاءِ عَــوَّاســـــا.
أُحِـبـُّهـا، وجَـرِيْــحُ الــشُّـــــــوْقِ
مُـكْـتَـئِـبٌ،
يَجُـوْسُ فِـي عَـتَـقِ الـفِـيَّـاضِ مَـا
جَـاســـــا.
تَلُـفُّـهُ فِـي بَـقَـايَـا الـوَعْــدِ
أَسـْــــــــــــطُـرُهُ،
يَهِـزُّ فِـي سَـــــكْـرَةِ الإِعْـيَـاءِ
أَجْـرَاســـــــا.
تَغْـدُوْ المَـصَـابِـيْـحُ رَصْـفـاً مِـنْ
خُـرَافَـتِـنَـا،
تَشِـعُّ فِـي غَـدِهِ الـمَــسْــمُـوْمِ مَـا
قَـاسَــــــى.
كَيْـفَ الـشَّـــآمُ غَـدَتْ رُوْحـاً بِـلَا
جَــسـَـــدٍ،
والقَـابِـعُـونَ عَـلَـى الأَضْـلَاعِ
أنْـجَـاســـــــا.
دِمَــــــشـْـــــــــقُ أمٌّ تَـنُـوْحُ
الـلِـيْـلَ فَـاقِـــدَةً،
ويَـقْـرَعُ الـحِـزْنُ فِـي الأَرْبَـاضِ
جَـرَّاســـــا.
تَغْـفُـوْ عَـلَـى رَحِــمِ الأَوْجَـاعِ
مُخْـلِـصَــةً،
ويَنْـطِـقُ الـظِّـلُّ فِـي الأَشْــــلَاءِ
عَـبَّـاســـــا.
تَـهِـيْـمُ عِـمْـقَ هَـيَـاجِ الـخَـوْفِ
مُـرْغَـمَــةً،
تَشُـــقُّ نَـصْـلاً عَـلَـى الإِجْـحَـافِ
كُـرَّاســـا.
شَـلْـوٌ عَـلَـى سُــدَرٍ فِـي الـبُـهْـتِ
يَـزْجُرُها،
يَصِـيْـحُ فِـي حُـفَـرِ الأمْـوَاتِ
رَمَّـاســـــــــا.
فِـي الـشَّــامِ يَنْـمُـوْ جَـنِـيْنُ
الحَـرْبِ مُنْفَرِداً،
ويَعْـزِفُ الألَــمُ الـمَـشْــلُـوْلُ
أنْـفَـاســــــــــا.
والأَرْضُ عَطْشَىْ، وعُشْبُ الأَصْلِ
مُغْتَرِبٌ،
خَلـفَ
المَـتَـاهَـةِ يَـلْـقَـىْ الـصِّـدْقَ إفْـلَاســـا.
تَبُـوْرُ فِـي لَـهْـفَـةِ
الـمُــشْـــــتَـاقِ رَغْـبَـتُـهُ،
قَـرَاحَــةٌ تَـصْـبِـغُ الـنَّـصَّـاعَ
إِغْـلَاســـــــــا.
تُغَـمِّــــــــــــسُ الـــدَّمَ
بـالأَحْـقَـادِ مَـجْـزَرَةٌ،
نَابُ
الأَفَـاعِـي يَــزِيْـدُ الـسُّـــمَّ إغْـمَـاســــــا.
هَـتْـكُ الـبَـكَـارةِ فِـي الـسَّـاحَاتِ
صَـيْـحَـتـُها،
صُـرَاخُـهـا يَهْـدِمُ الأَسـْــــمَـاعَ
نَـقَّـاســــــــا.
تِلْـكَ الـطُّـفُـوْلَــــــــــةُ
لـلأَقْــدَامِ رَاكِـعَــــةٌ،
بَاعَ
الـفَـجُـورُ تُـرَابَ الـحَـقِّ نَـخَّـاســــــــــا.
يَقِـيـنُـهُ فِــــــــي غَـرِيْـبٍ دَاسَ
حُـرْمَـتَــهـا،
ويَدْعَـــسُ الغُـرُّ فُـوْقَ الـطُّـهْـرِ
مِـغْـلَاســــا.
يَأتِـي تُخُـوْمـاً مِـنَ الأغْـــــــلَالِ
يُـكْـلِـبـُهـا،
ويَصْـلـدُ النَّـخُّ مِـنْ إرْغَـامِــهِ
(كَـاســــــــا).
تَاجُ الـمَـهَـانـةِ فِـي الإِمْــلَاقِ
يُـدْرِسُــــــــهُ،
عَـبْـدٌ مُحِـيْـقٌ دَحَـىْ الإِنْـعَـاقَ
إِدْرَاســـــــــا.
تَمُـوْرُ فِـي صَــــــــــــدَأِ الأيَّـامِ
كَــارِثَـــةٌ،
تَبْـقَـىْ، تَـمُـوْجُ عَـلَـى
الـتَّـغْـرِيْـبِ أَعْـرَاسـا.
ويَرْهِـــنُ الـجُــــوْعُ عِـنْـدَ الـحَــظِّ
لَـعْـنَـتَهُ،
وفِـي
شِــــفَـاهٍ يَـذُوْبُ الـقَــشْــبُ إِغْـرَاســـا.
تَـبْـتَـاعُ فِـي قَـفَـصِ الإِخْـــــدُوْدِ
هَـرْطَـقَـــةٌ
نِشَــابَ جَـهْـل ٍ عَـلَـى الأَلْـبَـابِ
طَـلَّاســـــا.
اجْـمْـعْ وَصَـايَـاكَ، إنَّ الـمُــــوْتَ
مُـدْرِكُـنــا،
رَغِـيْـدُ عَـيِشِـــكَ لَـيْـــسَ الـيُـوْمَ
مَـقْـيَـاســـا.
ضَـنْـكُ الـحَـيَـاةِ مَــــــعَ
الـنُّـكْـرَانِ فَـاتِـحَــةٌ،
صُـنْـعُ الـجَّـزاءِ يَـجُـوْدُ الـفِـعْـلَ
والـنَّـاســـــا.
الـوُجْـــــهُ يَـقْـطِـفُ مِـنْ جُـرْحـي
نَـقَـاوتَــهُ،
ويُنْـشِــدُ الـضُّـوْءَ فِـي الأَرْوَاحِ
نِـبْـرَاســــــا.
فـِي الـشَّـــامِ أَنْـتِ أَنَـا، والـحُـلْـمُ
مَـلْـعَـبُـنَـا،
أَرْضُ الـطَّـهَـارةِ أَضْحَىْ الـطِّـيـنُ
ألْـمَـاســا.
تشرين الأول/ 2015