جيل أدبي مقطوعا من شجرة
العقيد بن دحو
-* " جريدة واحدة تعادل مئة حرب "/(نابليون بونابرت)/1792
ما أيتم هذا الجيل
الأدبي و الفني , ما أشقاه و ما أتعسه , بل و ما أفقره وهو يشكل ( الجيل) الجديد
بلا صفات , يبكي بلا دموع ويفرح بلا ابتسام , ويبتسم بلا أمل , قليل الايام و
شبعان ثعبا , بخرج كالزهر ثم ينحسم ويبرح كالظل و لا يقف.....لأن الشجرة رجاء...إن
قطعت تخلف ايضا ولا تعدم خراعيبها. ولو قدم في الأرض أصلها وفصلها ونوعها ة مات في
التراب جذعها , فمن رائحة الماء تفرخ و تنبت فروعها كالغرس . أما الجيل الأدبي و
الفني هذا يخرج صدفة , يكتب صدفة , ينشر صدفة , يزدهر وينمو ثم يموت بنفس الأسباب
التي بهتثه لهذه الوجود الكتابي الإبداعي , يموت و يبلى , الكاتب الأديب يسلم يسلم
الروح فأين هو الجيل الجديد !؟
اليوم و أكثر من أي وقت
مضى ورغم التطور الحضاري و الثقافي الإعلامي للأمم والشعوب التماثلي منه و الرقمي
, الخفيف منه و الثقيل , الخبر المقدس منه
و الواجب , باتت الشعوب و الدول و الحكومات في حاجة أكثر الى الجرائد الورقية أكثر
منها الرقمية , ليست على اعتبارها تشبع فضولا بشريا بالأخبار و الإعلام و الإعلان
بصفة عامة , وانما لأسباب عسكرية و أمنية كما قال
( نابليون بونابرت) سنة 1792.
و لأن الثقافة و الأدب احدى القيّم
الأساسية
للدول , بل القاعدة والحصن الفوقية التي تحتاجه الدول والحكومات التي تبحث عن
حقوقها التاريخية ومجالاتها الحيوية جنبا الى جنب اسلحتها وما ملكت ايمانها من
خفيفها و ثقيلها.
فالكتابة بالجرائذ لا
تذكر ولا تؤرشف لمرحلة معينة في حياة الأديب أو الكاتب , وانما تمنحه تلك الشرعية
الأدبية الفنية , التي مرّ من خلالها كل الكتاب و الأدباء العالميين قديما وحديثا
, وتمنحهه ارضية صلبة كمنطلق.
ليست الكتابة على صفحات
الجرائد هي كالكتابة في كتاب بشكله المباشر , سيكون منقوص الإبداعية وبدون رصيد
ولا خلفية ولا مرجعية ثقافية فنية , بل لم يكن غي مقدوره أن يشكل مع مع مجموعة
معينة ( اقطاعا ) معينا أو ( فريقا) معينا
أو ما أصطلح عليد حديثا اسم ( الجيل) او ( المجايلة) !.
ليست الجريدة كالكتاب ,
فالجريدة شأنا عاما تهم الدولة كما تهم المواطن , بينما الكتاب بالأول و الأخير لا
يهم إلا مؤلفه أو صاحبه.
ثنيا / ان الكتابة
بالجرائد لا تعني كتابة مدنية فأحيانا تؤدي اغراضا أخرى أمنية , نظرا لتأويلات
الكتابة وبطبيعتها الساحرة و الآسرة , والتي بإمكانها أن تتخندق مع الجندي بجبهات
القتال , كما بإمكانها أن تكون في يد زائر
او مسافر كزاد او ( لمجة) فكرية ثقافية.
(المجايلة) أو لعبة
الجيل ليس مجرد مسرد لفهرس او ( ثيوغونيا / theogonie ) لمجموعة
من أعمار الحيوية الفيزيولوجية للكتاب او
الأدباء . و حتى تلك الأعمار (25-40) سنة
المتفق عليه في سلم هرم اعمار التأليف و الإبداع , وانما ا تبدو انها احداث ذات
طابع سياسي تنطوي على تجديد في الأشخاص....تغيرات في السلطة , ثورات , حروب , مآسي
طبيعية وكوارث كالبراكين والزلازل و الأوبئة....الخ
كل هذا و الجزائر شهدت عدة هزات سياسية ولا سيما
العضرية السوداء , التي قضت على خيرة جيل التسعينيات , من كان يشرف أو من كان الأخ
الكبير أو الأب للعديد من المبدعين الشباب الصاعد يوم ذاك.
فمن الطبيعي أن نجد
جيلا بأكمله هيمن و سيطر على المشهد الأدبي و الثقافي و الفني دون تجديد أو تجريب
, وبالتالي كان طبيعيا أن يخرج لنا هذا الجيل الذي قفز على الأحداث ومر على نشر
الكتب حتى قبل الحلم والكلمة و الفكرة والفعل , وبالتالي المكتبات العمومية
والخاصة غصّت بالكتب دون قارئ....!.
كم يبدو هذا الجيل
مقطوعا من شجرة , دون هوية , بل كالسحلية يزحف من الفراغ الى الفراغ , من النشر
الى النشر , وهو لم يستحضر جمهورا معينا , كون الجمهور تركه خلفه في زمن الجرائد
الورقية , وبالتالي لا بد مة اعادة تشكل الجيل الأدبي و الفني أولا , ثم على الدولة أن تظل ترعى و
تشجع الجرائد , كونها لم يعد لها الطابع المدني فحسب وانما العسكري الأمني.
وكما أنقذت الثقافة و
الأدب والفن - القرن التامن عشر- يوم كانت الناس لا تقرأ الجرائد إلا اذا تضمنت
شيئ من الأدب والفن , فبإمكان اليوم أن تنقذ الإعلام من جديد ولا سيما المكتوب ,
ولا سيما لا يزال البندقة الأرخص بالعالم لكن تأثيرها على الأعداء مدمرا شاملا و
أعم.
مسكين هذا الجيل , وهو
يكتب دون أن يكون له أبا شرعيا او سندا يشد على يديه , وبالتالي : " من راح
كبيره قل تدبيره " أو من ليس له كبير يشتري له كبير "
كل من كان مشرفا على
حصة بالإذاعة الوطنية أو غيرها , وكل من كلن مشرفا بصفحة من صفحات الجرائد الوطنية
أو من كانت له حصى تلفزيونية له الفضل اليوم بتأسيس وتكوين جيل من الأدباء أناروا
لهم السبيل , لولاهم لظلوا يطاردون الأزهام والتمني حتى اذا ما فات الأجل الأدبي
والفني انكفأ على نفسه كالظل الحسير , يلوم نفسه في ضياع عمره وراء خيال أدبي كاذب
على كل الناس و في كل وقت.