جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

اللغة و الدولة

العقيد بن دحو


- * " أيتها اللغة العزيزة ! أيمكن أن لا أسمع يونانيا يوجه إليّ الحديث إلاّ بعد هذا الزمن الطويل ! لماذا يا بني؟ لماذا يا بني أرسيت سفينتك عند هذه الجزيرة؟ أي ضرورة أيّ خطة , أيّ ريح مواتية دفعتك إليها ؟ أنبئني بهذا كله لأعلم من أنت " . بالوعي واللاوعي

كم كنت مجبرا أسيرا تحت وقع هذه الفقرة الآسرة الساحرة , رمز كل مدهش المذهل الهائل , كم كنت أاريد أن أتوقف عند لفظة ولحظة و اشارة ( اللغة العزيزة) و أكتفي بما يخدم موضوع مقالي هذا.

لكن هذا هو شأن الأدب الإغريقي الذي يذهي ويسرق منك كل الحواس و تداعيات الحواس بالوعي واللاوعي ( السونستاسية / senstassias ) و (الإيكولاليا / echolallia) .

التعبير الأخلاقي الخلاّق ذات المذهب التقليدي التكفيري التطهيري , الذي يمنح ( اللغة) ما يميز ( العرق و التاريخ و البيئة) , ومن حيث اللغة وعاء للفكر , ومن حيث الأسلوب هو الرجل , اللغة الغاية والوسيلة , بل ما يميز الإنسان.

واذا كان الأغارقة الفضل بأهمية اللغة كأهمية الديمقراطية والفنون , فإنها مبكرا أشارت الى تذاعياتها في جميع القيم الإنسانية الفوقية والتحتية , ولا سيما السياسية منها فن الممكن , حين تصير اللغة ممكن الممكن.

لذا لم غروا ولا عجبا أن تفطنوا ووعوا الفرنسيين الى الدور الخطير التي تلعبه اللغة ليست بشكلها الغاياتية و انما في يناء الدول وترسيخ أسها و أسسها.

بل دهب اللغوي ( بوهور) في ذلك سيرا خطيرا الى درجة الإنحياز التام الى اللغة الفرنسية حين قال : " اذا تحدثنا نحن الفرنسيين فهو النطق الحقيقي الطبيعي , فلغة الأسيويين صفير , والإيطاليين زفير , و الإنجليزيين نقيق , و الإسبان طنين , وحدهم الفرنسيون الذين يتكلمون " .

دون شك اللغة أمر أساسي للمجتمع و السياسة , شأنها شأن العرق و البيئة و التاريخ. دون شك اللغة تقوي أواصل المجتمع وتقرب وشائج عواطفهم , وتجعلهم يقتربون الى بعضهم بعضا بالزمكان. و العكس ايضا , حين تهمش اللغة أو تبعد عن الحقل السياسي و الضمير الجمعي. اذ اللغة تكسب الشعب نفس جماعي لها تقرير مصير واحد , وتجعلهم يتكتلون في بوثقة واحدة مما يشكلون وعاء واحد ذات ثقافة واحدة و مثاقفة , يؤثر بعضهم بعضا.

فالمشاركة في اللغة تساعد على تبادل الإتصال , مما يشكل أساسا للتعاون في الحكم .

كما يكون حكم الناس بشكل أيسر و سهولة اذا كانوا يتكلمون لغة واحدة , اما اذا كانت ذب لغات متعددة يعجل بطرح التساؤل حول المساواة و الحرية و بالتالي حول البناء الحضارة الديمقراطية كلية.

الغرو وكل غرو , وعجب كل عجب أن نجد اليوم لافتات واعلانات ضخمة ببلدنا على واجهة مداخل الفنادق و المرافق الكبرى وحتى على أجهزة الدولة والمرفق العام كتابات ذات الصوتين القومي و الوطني , العربي و الأمازيغي , واذا كان اليوم لا يشير الى أي التزام أو لوغوس أو لوبوس , لكن على المدى البعسد يطرح اشكالا بالبناء الحضاري الديمقراطي و تشببد الحكم الذي يكون من الشهل ذي اللغة الواحدة لذي الشعب الواحد , فاللغة ليست كتبات و تيمات و ايقونات كتابية و انما كل حرف يحمل معنى , على المديين القريب والبعيد. بل يكون تأثيره عكسيا وجليا كلما دعت الطبقة الحاكمة الى الإقتراع و الى انبعاث حديث في هياكل الدولة يعمل على النقل و التحول من التكفير / التطهير بالمفهوم الأرسطي الى التفكير و التغيير بالمعنى البريختي الألماني , والتحول من أساليب الثورة النمطي الى التطور.

هذه اللغة العزيزة الكائن البشري الحي التي نريدها لبناء صرحنا الحضاري الديمقراطي , حين يصير الحكم كالماء يشكل اسطورة عنصره سلسا ينساب من بين تشققات الحجر صعدا نحو الأسفل و فق قانون جاذبية الشعوب الى بعضها بعضا , حين تصير اللغة وشائج وكتل عواطف قبل أن تكون أي كتل أخرى حجما ومساحة و لونا ونوعا.

اللغة الواحدة ذات الديانة الواحدة طرفان متلازمان في قضية واحدة , أن لا نجعل ايدينا تضربنا و توقع حالات صراغنا وحتى اذا ما وقع الفأس بالرأس نلوم الأخر بإسم ( المؤامرة الخارجية) كنقص القادرين على التمام , أو وفق شعار شعبوي : " أحييني اليوم و أقتلني غدا " !.

اللغة العزيزة فلنكن أعزاء في مستوى هذه اللغة سياسيا اجتماعيا ثقافيا اقتصاديا , و إلا سنضيع الحكم ذات يوم على اعتبار الحكم (كنزا) كما تقول الأغريق القدامى / le pouvoir c'est le trèsor


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *