جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
محمد سعيد حسيننقد

الشعر، والجدل المستمر

 

الشعر، والجدل المستمر

الشعر، والجدل المستمر

محمد سعيد حسين


يندر أن يحضر حديث الشعر بين ثلة من المتابعين والمهتمين عموماً، دون التطرق لإشكالية الشكل الشعري، وما يرافقه من تهاتر بين متعصب للشعر التقليدي وبحور الخليل، وبين رافض له، شديد التعصب لقصيدة النثر، فيسرف كل من الطرفين بسوق الحجج والبراهين على أن ما يقوله هو الحقيقة بكليتها، وكم من حبر أهرق على مدى عشرات السنين، في معارك الطرفين على صفحات الجرائد والمجلات والمواقع الالكترونية، من دون أن يكلف أحد من هؤلاء أو أولئك نفسه عناء المحاولة الجادة والمتأنية، للتعرف إلى ماهية ما يرفض، ومكامن الجمال فيه، مستعيناً على ذلك بقراءة بعض الدراسات والمؤلفات النقدية الجادة التي حاولت تسليط الضوء على تطور الشعر العربي شكلاً ومضموناً في السياقين التاريخي والثقافي، بل بقي الطرفان على رفضهم متمترسين خلف ذائقة نشأت على أساس من التقديس أصبحت معها أقرب للايديولوجيا العقائدية منها للتذوقية الجمالية والمعرفية، ولتنطبق عليهم مقولة:

من جهل شيئاً عاداه.!

وفي الوقت ذاته، لا يزال كثيرٌ من الباحثين والنقاد يقومون بمحاولات جادة لرصد واستكشاف أسرار وخفايا التحولات التي طرأت على بنية القصيدة العربية شكلاً ومضموناً،  لعل أدونيس كان أكثرهم جرأةً واجتهاداً في هذا المعرض، حيث أنه استطاع - فضلاً عن كونهأحد أهم رواد قصيدة النثر، أن يضع نفسه في قمة هرم المنظرين للحداثة الثقافية والشعرية العربية، عبر عدد كبير من المؤلفات والدراسات ذائعة الصيت، بدءاً (بالثابت والمتحول) وليس انتهاءً بما يكتبه وينشره حتى تاريخه، في أهم الدوريات الثقافية وباللغتين العربية والفرنسية، رغم بلوغه التسعين من العمر!.

 حول موضوعنا هذا يقول أدونيس:

".…الوزن والقافية، لا يمثلان وحدهما حصراً، الشعرية، ولا يستنفذانها، وثمة عناصر شعرية غيرهما، والشاعر الخلاق جديدٌ دائماً، حتى حين يكتب بأشكالٍ وزنيةٍ سابقة..  وإذا كان الشكل بنيةً حركيةً، فإن المهم هو النسغ الذي يجري في هذه البنية ويجريها، لذلك فإن الشكل ليس هدفاً أو غايةً، الهدف هو توليد فعالية جمالية جديدة، والأمر الأساس هو أن ننظر - في تقويم الشعر - إلى هذه الفعالية، لا إلى الجدّة الشكلية في ذاتها ولذاتها، سواء كانت وزناً أو نثراً.. إن المسألة في الكتابة الشعرية لم تعد مسألة وزن وقافية حصراً، بل أصبحت مسألة شعر أو لا شعر..."

وفي سياق مختلفٍ تماماً، نرى سعيد عقل - الشاعر العربي الكبير -  يرد بحدّةٍ على أحد جلسائه قائلاً:

(من سمح لك أن تهين نثري وتسميه شعراً؟!!)

في إشارةٍ واضحة للتقدير الكبير الذي يكنه للنثر الفني، رغم كون عقل أحد أهم قامات الكلاسيكية الشعرية العربية في القرن العشرين، علماً أنه برأيي، تجاوز في شعره الكلاسيكي شكلاً، كثيرين ممن يطلق عليهم "جيل الرواد" في قصيدة النثر، وعرف عنه أنه ابتدع أوزاناً جديدة فات الفراهيدي الإشارة إليها أو اكتشافها.

ربما كان جواب " عقل" حينذاك، يعبر بشكل أو بآحر، عن رفضه إطلاق تسمية (قصيدة النثر) على النصوص الشعرية غير الملتزمة ببحور الخليل أو تفعيلاتها، وربما كان تحاشياً للدخول في سجالات لا طائل منها مع دعاة التقليد من جمهور الشعر، وعلى افتراض أنّ قامتين شعريتين كبيرتين بحجم سعيد عقل وأدونيس، لا يمكن أن يكون قد فاتهما قراءة وتبني مقولة الجرجاني عبد القاهر: ((إن الشعر كلام التخييل، والنثر كلام العقل)) أصبح بالإمكان القول، إن كلا الكبيرين، لم يقطعا أو يبتّا بصوابية رؤيتيهما، بل تركا ذلك للقارئ، الشريك الأساس في العملية الإبداعية، حسب بارت والبنيوية!..

محمد سعيد حسين


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *