أنا والسماء
فتحي مهذب
أيتها السماء يا شقيقتي الأبدية.
أنا والسماء
كنا شقيقين سعيدين في
العالم
نتقاسم الملابس ذاتها
فضة الخيال المترامي
معاطف فلاسفة اليوطوبيا
الصعود معا في باص
الملائكة
نجوب الأمكنة المطلقة
اللانهايات الأثيرة
نلبس مطرزات النجوم
اللامعة
نتقاسم السرير المصنوع
من الهواء الخالص.
ولنا أرجوحة أبدية قدت
من حبال المخيلة
نهرع إليها كلما هاجمنا
الفراغ
بمسدسه الأشيب الحزين
نلهو معا بعذوبة لا
متناهية
لا نفكر في علل الأشياء
ولا نصغي لزئير الضباب
القادم
من رؤوس الكواكب.
لا نفكر في رقصة عربة
الأموات
ومخالب المعزين
البرونزية
أو تلك الحفرة القذرة
التي تبتلع الجثامين
ببرودة دم.
لا نفكر في الخرادق
التي يطلقها النسيان على الرهائن .
نذهب معا إلى دار
الأوبرا
بدلا من شطائر البيتزا
نأكل الموسيقى بملعقة
نادرة للغاية
نضحك كلما رأينا طائرة
تقترب من مدارنا الوسيع
كأنها حمامة متجمدة في
الجو
تزورنا صحون طائرة
تعبر رأسينا على أطراف
هواجسها
كلما عطشنا نشرب من نور
القمر
وفي آخر الليل
نقرأ بريد الفلكيين
بأعين دامعة
العالم شاسع والحقيقة
طويل سلمها.
كلما رأينا طائرا يتخبط
قلنا : هذا شاعر فر من
المذبحة
كلما سمعنا أزيز الرعد
قلنا : جيراننا من
مجرات مجاورة
ينادوننا لحضور
الوليمة.
أنا والسماء
كنا شقيقين جميلين
نلعب بالصواعق والنيازك
نلعق حليب الشمس
وعلى حبل الجاذبية
نعلق شريط ذكرياتنا الطويل
ولنثرنا اليومي طعم
الأناناس.
لكن ذات جرح
بينما كانت السماء
نائمة
منهكة جدا
بعد يوم من الرقص
الجنوني
إختلست حقيبة الله
وهبتها للشيطان مقابل
حصتي من الأبدية
غير أن الله طردني
ضاربا مؤخرتي بجزمته
القديمة.
لا تحزني يا سماء
قريبا ستنام روحي
بجوارك
على سرير بالغ النعومة
والبهاء.