إسلام سلامة
... المجانين.....
... المجانين.....
نحنُ المجانين عاطفيًّا
غالبًا ما نستيقظُ كلَّ يومٍ
نريدُ لو قُلنا لكلِّ امرأةٍ
تعبر أمامنا الشارعَ
أنَّنا نحبُّها
ونضعُ أنفسَنا مكانَ أيِّ فتى
يقفُ مع حبيبتهِ علىٰ الناصيةِ.
ونرىٰ الحُبَّ في كلِّ شيءٍ
لدرجةِ أنَّهُ حتىٰ أعمدة الإنارةِ
يمكنُ أن نربطَها بعلاقةٍ غراميةٍ مع الضوءِ.
ولنا سماواتٌ غيرُ سماواتِ البشرِ
تمطرُ ياسمينًا
وتوزعُ (الدباديبَ) بسخاءٍ على الفتياتِ.
عباراتُنا التي تُدهِشُكم
هي بالنسبةِ لنا فعلٌ عاديٌّ جدًا،
وتلقائيةٌ؛
مثلما تصرخون أنتم بعفويَّةٍ
لو لسعتكم النارُ.
ولا نستطيعُ أن نحتفظَ بأسرارِنا
فنفضحُ أنفسنَا فوقَ الأوراقِ
ونبكي ونضحكُ بذاتِ النَّصِ
لأننا نعرفُ جيدًا دون غيرِنا
قيمةَ الحزن ومهمَّةَ الفرح.
وعندما نثورُ
لا يأخذُنا الحكَّامُ علىٰ محملِ الجِدِّ
لكنهم يُصادرون أفواهَكم
لو نطقتم مقولاتِنا ضدَّهم في المسيرات.
من أشياءَ تعتبرونها تافهةً جدًّا
تُولَدُ أشعارُنا؛
أنا مثلاً
كتبتُ قصيدةً ذاتَ يومٍ
لأنني رأيتُ قطَّةً تعرجُ وهي تمشي،
ومرةً كتبَ صديقٌ لي عن فتاةٍ لا يعرفها
قالت له شكرًا؛ في المترو
وظنَّ أنَّها تُحبُّه.
ولأننا نتعاملُ مع اللهِ ببساطةٍ دونَ ألقابٍ
متهمون في نظركم بالكفرِ
وكيف لا نفعل ذلك
وهو الذي يُلهمُنا بكلِّ حبِّ ما نقولُهُ لكم.
نحن أولىٰ بالرعايةِ من مرضىٰ الأعصابِ
ونحتاجُ عنايةً خاصةً لقلوبِنا
التي ينقصُ جزءٌ منها
مع كلِّ جملةٍ نكتبُها
ونتحمَّلُ بكل جَلَدٍ وصبرٍ
ضرباتِ الحنينِ وسياطَهُ.
لنريكم إعجازَنا في الكتابةِ بالدماءِ.
حبيباتُنا هن نقطةُ الضعفِ
التي لا نخجلُها
قد نلعنُ الشوارعَ أحيانًا
بينما نسبُّ الظالمين دائمًا
ونقولُ للغُولةِ في عينِها
أن عينَها حمراءُ
نخالفُ الجميعَ فنحبُّ ما تكرهون
والعكسُ صحيح
لكننا لا نقدرُ أن ندوسَ لحبيباتِنا علىٰ طرفٍ
حتى لو خذلونا أمامَكم.
نحن أطفالٌ صغارٌ مهما كبِرنا
وكأن أحبالَنا السُّرِّيةَ
لم يقطعوها عن أمهاتنا
فظللنا معتمدين عليهن وطائشين،
ونندهشُ لأي شيءٍ،
ولا نستطيعُ أن نؤذي ذبابةً.
بين كونِنا ملائكة أم شياطين
مُختلفٌ علينا
إلا أننا بكلِّ العيوبِ
التي ترونها فينا
قادرون أن نضعَ أمامَ كلِّ واحدٍ منكم
مرآةً من الكلماتِ
يقرأُ فيها نفسَهُ جيِّدًا
ويقولُ: الله.
قادرون أن نُصوِّرَ الجمالَ في القبحِ
وكيف نربحُ في الخسارةِ،
قادرون أن نستعطفَكم
حين نتلاعبُ بعقولِكم وأفئدتِكم،
قادرون على الرحيلِ
دون أن نخطو خطوةً واحدةً،
قادرون علىٰ الموتِ مِرارًا دون مللٍ،
وأن نحيا بلا أملٍ
ولنا بصماتُنا الواضحةُ مع الجميعِ.
رغم ذلك نحنُ وحيدون دائمًا
وقلوبُنا ليست لنا كما تظنون