يدي و القلم و لوحة المفاتيح
العقيد بن دحو
كم هي ثقيلة
اليوم يدي , و أنا أحاول عبثا أمسك بالقلم و أكتب مقالا أو ما جادت به قريحتي
اليوم , شيئ من الأدب أو الفكر أو الثقافة عموما.
غير أن يبدو القلم الذي يعرفني و أعرفه منذ عقود طوال
صار لا يعرفني , ربما عجز ومسّه الكبر , و أصابه الوهن , ولم يعد في مقدوره مرحبا
يحتضن ألأصابع الثلاث و يكتب , ما تمليه عليه مخيلتي من حلم , خيال , كلمات ,
افكار و أفعال.
لم تمس التغييرات الحضارية الورقة و القلم , وصار
كل شيئ ديجاتليا رقميا , انما حتى الجسم البشري البيولوجي صار بدوره رقميا أو هو
بيولوجيا ديجاتليا , نصفه انسان و النصف الأخر رقم.
كم كانت الكتابة اليوم عليّ صعبة المراس , و أنا
أمسط بالقلم غريبا لا يعرفني , كان في كل مرة يسقط من يدي , و كأن بصمات أصابع يدي تعودت على شبئ أخر , أو لماذا
لا أقول الفلم صار غاضبا من هذا الوافد الجديد الرقمي الذي يسمونه الإعلام الألي ,
وما يحتويه من خواؤزميات و اشتقاقات أخرى , من شبكات التواصل الإلأجتماعي وغيرها من البريد الإلكتروني....الخ , من هذه
التطلعات ة الإلكتشافات التي تصدمنا من حين الى أخر , وما يكاد الكاتب يلتقط فيها
انفاسه حتى يتفاجأ بإكتشافات جدبدة.
عصر أثقله
منطقه , وصار القلم غريبا عن أهله و لم يعد سيد الجماعة العلمية التعلمية ةلا
الفكرية ولا الثقافية.
لم يعد للقلم
إلا المتحف ليصير منحوثة من النحث , بعد ان طاله الزمن بدوره , ولم يعد وائرا
خفيفا إلا للسواح و للأطفال صغار مراهقي و يافعي المدارس.
كم يشعر هذا
القلم بالغربة و التفكك و هو يشعر بهكذا ضعف أمام جهاز محمول سمعي بصري مقروء
أٌصطلح عليه ( كومبيوتر) لخص العالم في صورة رقمبة ديجاتلية معادلا صوتيا لأحسن
كتابة على الأطلاق.
كم يشعر هذا
القلم بالضآلة وهو يزداد تصغيرا أمام هذا الجهاز الذي هضم و ابتلع العالم في صورة
وصوت ساكنة ومتحركة.
لم تعد
تتباهى به الجيوب و القلم الأزرق يعلو القفص الصدري , قريب من القلب قريب من العين
, كم حرف كٌتبه القلم , جارحا كسيرا بالحب و الجد و اللعب , وكم من رسالة , وكم من
توقيعات و امضاءات وهو اليوم بزاوية النسيان يحاول أن يلم حبره , أن يكتب نفسه
بنفسه , أن يكتب صمته , أن يجتر تاريخ مجده يوم كان صديقا للملك و الأمير , يوم
كان صديقا للفقير و الغني , و اليوم يرى نفسه وحيدا موحدا متوحدا مع جهاز صار
القلم و الورقة و الكتاب و الفكرة و الكاتب و العالم.
كم كانت يدي
اليوم ثقيلة و أنا أحاول أن أكتب مقالا بالقلم , و لم أتتم ما بدأته إلا بعد أن امسكت بلوحة المفاتيح
الكومبيوتر مجددا ة ظاتممت ما بدأته و ليتني ما بدأت !.