ما أروعك و أجملك أيّتها الكلاسيكيات اليونانية
العقيد بن دحو
اليوم و بعد أكثر من أربعة عقود من الكتابة و
الممارسة الفنية و النقد و الأدب , وفي علوم المهنة و الإدارة التربوية أدركت عن
يقين و بكامل قواي الذهنية و النفسية و الجسدية أن العيب فيّ و ليس في أولئك الذين تربعوا على الفضاءات الثقافية و الفنية و
أدرموا فيها فسادا . فساد ما بعده فساد , و ليته كات فسادا ماديا و ماليا يغوض ,
انما فساد على مستوى الذائقة الفنية الجمعية و الفردية.
أظنني العيب في , و أنا ألبي دعوة من تلك
الدعوات الكرتونية , و ليتني ما لبيت , لنشاهد ما شاهدت , و كنت أظن أن العالم
تقدم و ازدهر , و أن الفن و الجمال ارتقى بالجمهور
الى مصاف الفرسان....!.
ليتني اليوم كنت غائبا , و أنا أٌجبر على مشاهدة
( عيال) يلعبون لعبة الغميضة ويحسبونها مسرحية ... طيلة ساعة من الزمن و أنا تحت الحصار , تحت الجلد , و لكن في تلك
اللحظة شطّ ذهني الى معظم الكتب التي درست حول الأدب الدرامي اليوناني / الإغريقي
الكلاسيكي , شطّ بي ذهني الى مسرح وهران العريق ابان بداية الثمانينات , و أنا على
الركح المسرحي أٌمثل و أٌجسد دور (هيمون)
في مسرحية (أونتجون) للكاتب الإغريقي ( صوفوكل) , ومن هو المخرج؟ المخرج المسرحي
الشهير من جمهورية مصر العربية ( ناذر
حسام الدين) , و الغميضة تلعب , و الجلد قائم , المهم كنت لا أستفيق من غيبوبتي
إلا على وقع التصفيقات الباهتة , وسرعان ما أعود الى ( هيمون) كم كان الدور
تراجيديا , بينما كان الدور الغميضة تراجيدي كوميدي , ادوار بلا صفات......!.
العيب فنيا كوننا درسنا صح , تعلمنا صح , تدربنا
صح , مثلنا صح , بالتالي صار كل ما يعرض أمامنا من ( حماقات) لا يرضينا.
تٌرى من درس ( الكلاسيكيات) , ناهيك كل شبئ عن
الحضارة الإغريقية , الأسطورة الإغريقية , المأساة الإغريقية يرضيه اليوم شيئ مما
هو يعرض بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان , احيانا بإسم الشعر , احيانا بإسم
الرسم , و احيانا بإسم النحث , و احيانا بإم الغناء , و احيانا بإسم الرقص , و
احيانا بإسم الموسيقى , و احيانا بإسم المسرحية , و احيانا بإسم الفيلم
السينمائي.....l
ما أشقاني , و ما اتعسني , و أنا اشاهد بأم
عيناي كل هذا العبث......(....)!.
وليتهم كا نوا يغرفون قدر و صمعة هذه المنصة (
الخشبة) التي احتلوها , ليتهم يدركون انها مقاما دينيا قائم على مقام الإله
(أبولو) إله الشعر و الموسيقى و الفن , كانت العشرات من العذارى يقدمن اليه قرابين
خصال شعرهن , ومن اليوم من هؤلاء (....) يصلي فقط ركعتين و على أي دين , لتتقبل
الألهة ما يقوم به من عبادات وطقوس دينية فنية.
اليوم أدركت متأخرا و بأثر رجعي أن العيب في و
ليست بالغميضة التي اعمت واغمضت أعين الجميع , أنا من درست عظمة الشخصيات , وعظمة
اللغة , وعظمة وحدة الأسلوب و النغم , وعظمة الزمكان و الحدث, وحٌق لي اليوم أن
أٌجلد بهكذا جلد , ليتني ما خرجت من بيتي في ليلة كهذه رمضانية ليلاء , غميضة شعرت
أنها أغمضت المدينة جمعاء , و اخلتنا دياجير خبط عشواء.
أكملت
حلقاتها و اكملت كما تكمل الأفعى الأفريقية العملاقة حلقاتها وطياتها على ضحيتها ,
شعرت أنفاسي تتقاطع ببطء , طلبت المساعدة من
( الملقن) لأني بدأن انسى دور ( هيمون) , كون ( أونتجون) أبتعدت عني قليلا
قليلا الى ( هيديز) حيث لا يؤوب منه مسافر , و أنا أمسح دموعي على المآلين على (
أونتجون) الذي حكم عليها عمي ( كريون) بالموت تحت الأرض , و أبكي البكاء المر على
المآل الذي آل اليه المسرح عندنا....
الكلاسيكيات و العودة صراحة جهارا نهارا الى
المآسي / التراجيديات الإغريقية هي الحل , أو لنختار بين أن نبقى في ( الغميضة)
التي اغمضت الممثلين و المخرج و الجمهور والركح المسرحي , وبين أي مأساة صوقوكلية
على سبيل المثل لا الحصر : " إلكترا" , " أوديب ملكا " ,
" أونتجونا " , " أياس " , " فيلوكتيتيس "......
والعديد العديد من تلك الروائع الخالدات من روائع الفكر اليوناني الكلاسيكي
الإنساني الإلهي الذي لا يطاله زمن ولا مكان ولا حدث .
ومع هذا
العيب فيّ و ليتني ما خرجت من داري , وصدق المثل الشعبي القائل : " اللي خرج
من دارو قلّ مقدارو " !.
رجاء قوموا بحاجة صح لفظا و لحظا و اشارة ومن
تمة لا بأس ان كانت الدعوة من فضة و تلبية
النداء من ذهب.
ومع هذا
سامحني الله لا ألوم أحدا أن اصبت بمغص أو تسمم فكري كون العيب فيّ و لم استفيد من دورة التاريخ حين يعود علي
مرتين , مرة في شكل مأساة ( أونتجون) ومرة في شكل مسخرة ( الغميضة) و لكم الإختيار
,
ألم نقل لكم العيب في !؟
فليسامحني الله كمسلم , و ليسا محني (أبولو)
كوني رجل فنان مثقف إن صح التعبير لغة ومصطلحا و فيلولوجيا ( فقه اللغة).