أغلبكم جميعاً
بسعادتي
عامر الطيب
..
أغلبكم جميعاً
بسعادتي وسط تأوهاتي المتصاعدة و الأذى
الكبير الذي يلحقه أحدٌ بي،
بروحي الصافية
كقنديل يحاوطه الأطفال
على الطاولة .
أكتب ذلك و أنا مصاب
بالآم كأسرار نادرة
أكتب ذلك وأنا أشاهد جثتي
تتعفنُ
لكني سعيد أيضاً
من أجل الديدان التي تتعانق في قلبي !
♤
لقد جئتُ لأسمع ما أقوله لنفسي
أقربائي سيحسدونني
أعدائي سيشعرون بالعرفان
حكاياتي ليست تلك التي تؤلفونها
و يدي نظيفة كالعاصفة .
لقد جئت كما أحببت أي أحد منكم
برباطة جاش و فطنة
باحتراس و وداعة أرض بائرة
إن حياتي
التي أرنو لها على مد البصر ،
ليست سوى أيامٍ قليلة لا تحصى !
♤
بعد بضع سنوات
من المشي وجدتك طفلة تعبرين
القصيدة التي تكتبينها،
تلعبين معها على الدرج
متطلعة نحوها بعيون مليئة بالحسد
حسد أينا سيصل إلى الآخر
دافئاً كسرير طفل .
بعد بضع سنوات من الوقوف
في الطابور
لمحتك
تعيشين حياةً غزيرة كالدموع
تنظرين بقدر ما كنت خائفة من الأعين
و بعد ذلك
كانت لنا الطفولة نفسها :
أصابع ترتعش
لأن حكايتنا ينبغي أن تظل مكتومة
شفاه مجروحة
لفرط ما كنّا نمررها على الكلمات !
♤
لستُ محبوباً من قبل الجنس
البشري كما أنا محبوب
من قبل حناجر الطيور المهاجرة،
دخان الغابات
و طين الغرف المجاورة
و الأكتاف
أي كتف هو مقدر عندي .
ما أقوله كان حقيقياً
لقد رأيت الناس
يتطلعون نحوي بجرعات متتالية
من الغيظ
و كان من الممكن
أن تكون جرعة واحدة لأموت !
♤
من وقت لآخر
عندما لا يعود بإمكاني أن أحبكِ
أعوض نفسي بأن أحب
شيئاً،
أتطلع نحو لأفق
للوردة أو لأشواكها الطاهرة
لا بد لي من خليل في هذا العصر الليلي المبهم
و إن كان
قطة هزيلة
على وشك أن تصير هيكلاً عظمياً.
من وقت لآخر
أنظر للقلب كما أنظر
لجسد أحدب
و اقول تلك هي القطة
التي سترافقني بمغادرة الألم
لكن الأوان قد فاتَ
لقد استنفدتُ كل القطط
التي أعرفها من أجل النسيان!
♤
إننا لا نقول ما نقول
ولا نرى ما نرى
بسرعة لا تصدق اكتشفتُ ذلك
قبالة الرجل المحتضر
الذي شيعناه صباح اليوم .
قال مرتجفاً :
دعوني أموت
قبل أن تسطع شمس الريف
و لا تغمضوا عيني .
لقد لبينا ذلك
و احترمنا
رغبة الميت
بأن يبدو حياً !
♤
يا لك من طفل سعيد
وأنت تلعق الجراح منزوياً
قادراً على أن تقوم
دون الاستعانة بقوة مجهولة .
قادرا على أن تحب
مرة أخرى
بغريزة الوحش الذي يفلت
فريسته.
يا لك من أشخاص
يركضون هنا و هناك
يعيشون حياتهم بالتناوب
كأنهم يحرسون كنزاً
يا لك من أشخاص
يموتون أخيراً
في اللحظة نفسها
ليأتي دوري!
♤
أرقص بمشقة
لأن ألمي ثقيل ،خطواتي بطيئة
و نوافذي حية كالثقوب .
لدي قدرة خالدة على التطلع
بمرارة
فبعض ما يؤلمني
هو ما لم أعاصره .
متوجع منذ عصور غابرة
لكنني أبكي
الآن لألفت النظر !
♤
أيها الأولاد لا تهتفوا
سيدعنا الله نعيش جميعاً
بأصابع متيبسة
نشير لما نسيناه .
أيتها الروح انهضي
أيتها العائلة استقبلي ولدك الوديع
بالازهار الصامتة
و الأناشيد .
أيتها الالهة
لا تتفرجي علي وأنا ألهو
برفقة فتيات صغيرات
إنني ألمس كل شيء
بلطافة الحجر .
أيتها المصابيح الهائلة
ما جدوى
أن تتوهجي أو تنطفئي
ما جدوى كل ما لا يذكرني بعيون الإنسان !