مُنذر عشــرية
..
في
الممر
المؤدي إلى منتصف الليل..
هُناك
هلال كمخلب.. أو بصورة
أدق
كمنجل..
هُناك
نجوم كبذور منثورة فـي حقلِ سماوي.. تُنبتُ ضوءاً..
هُناك
عربـة إسعاف مسرعة, حصل حادث عنيف بين الكأس وفم السكـران..
تشظى
الفم وإعْوَجَّ الكأس..
هُنـاك
عاشق بقلب مفتوح إبيضَّتْ
عيناه
من
شدة
الدُّعـاء
والتضرّع.. السجّادة كـادتْ أن تطير
به
إلى السماء لولا أن الدّمع يحرق ريشهـا..
هُناك
هدوء مُتشرّب, ودُنيـا مطليـة بالأسود.. أسفل الطوبـة صريرُ جُندبة أرملـة, وعلـى
الزاويـة قِطْ يُشاكسُ قِطّة..
علـى
البركة ضفدع يُغازل ضفدعـة.. ووحشُ الأرق ينشطُ في مساماتِ الظلام, زئيـرُه يُرعبُ
الأجفان.. وهُناك مكالمة هاتفيـة إنتهـتْ بـ -ماااتت أُمـي-, وهناك قبـر للأُم,
وجنازة أخـرى قيـل أنهـا للحانوتـي نفسه, وإمرأة تلبـسُ الأحمـر, وزوج عيناهُ
تُوشـي بالشبـق, فكل الأدلـة في الممر تُشير أن اليوم كان خميساً.. ما عدا قلب
الزوج الذي يشتعل فيه الشبق كُل إثنين.. شبق مُبرمج.. وكل خميس هو كديك ينامُ بعد
الغروب
..
يُوجد
في الممر تثاؤبـات سيئة السُمعـة.
يُوجـد
في الممر آهـات بطعم الغزل.. تُوجـد ضحكات إنزلقـت سهواً من تحت الأبواب..
يُوجـد
غيم تشكل من دخان ماريجوانـا!! وكأن الممر يُطلُّ علـى كولومبيـا والدخان يمُدُّ
رأسه عبر نافذة بابلو إسكوبـار.. تنفثـه رئة بوب ماري.. وهو يُغني - No woman No cry-
في
الممر المؤدي لمنتصف الليل.. هُناك عمود إنارة أعمى, ولص, وحائـط شائك, وقيراط من
ذهب,
وموزتان من رزق اللص, وشباك نائم على جدار, وجدار يُريدُ أن ينقض.. طوبه الطينـي,
الطينـي نفسه يشتكي للأرض كهولته وإنحناءة ظهره.. ويُناجـي رب الغيم ألا يبكـي
الغيـم..
هُناك
منزل أشباح يضجُّ بالأشباح..
حتـى
الأشباح في الممر تُقيم إحتفالات الهاوس بارتـي..
وتدعو
الأصدقـاء, وما إن زقزقت صفارة بوليس الفجر تلاشت الأشباح
كالظلام,
كالممر..
في
الممر تُشاهد الأرواح النائمـة تتسلَّق سلالم السماء شاخرة, سلمة سلمة..
التـي
لن ترجع تصحو شاخصة لتُلوح لأجسادها بمنديل كرايـةِ الموت, والتي ترجِعُ -تهبط
وتغطسُ في أجسادها من جديد- ثم تتثاءب من رَهق المسافة التـي قطعتها..
تحت
إدمـان النيكتوفيليـا..
هذا
الممر الذي يؤدي لمنتصف الليل, ما هو سوى مشهد
ليلـي
لخيالي المُترف
بالسواد.