صراع الشيوخ و الشباب على السلطة الإغريقية
العقيد بن دحو
جل الصراعات بالدراما اليونانية حاضرة الأغريق ما قبل التاريخية قامت على أساس التسلط و التملك و على من يحكم , ولو أنها تتخذ عدو لبوسات و لوغوسات في قالب دراما فني محبب للأنفس له وقعه على القلزب الكاظمة.
تقول
الحكمةالأغريقية : " العجائز خطرون فهم لا يكترثون بما يحدث حولهم "
و
لأنهم خطرون , اذا ما تمكنوا من السلطة صار من الصعب أن يتخلوا على الكرسي أو
يسلموا مشعل ( التداول) لبقية الأجيال
!
سرعان
ما ينسون انهم دخلوا الى ( السلطة) جلهم شبابا , و لكن بالذهنية الجمعية الأغريقية
يعتبرون الحٌكم اجمالا ( بالكنز). و لما كان هذا المغهوم شاملا أعما , صار من
الصعب على من يتملك على الكنز أن يتنازل عليه بيسر وسهولة , اذ يعتبر نفسه الحارس
السفيع الوريث الحريث له.
وحتى لو أن الديمقراطية الأثينية أوصلت جل هؤلاء الذين شبٌّوا و شابوا على الحكم , شيئا فشيئا تتحول
هذه الديمقراطية التي اوصلتهم الى سدة الحكم الى ديكتاتوريين , يلتفون حول بعضهم
بعضا , بل جل النعرات و الصراعات كان سببها الشيوخ اكثر منهم شيايا او من اجيال
أخرى.
لكن لا بد للدولة من التقدم بكل اطيافها , و بكل اجيالها , ومع مختلف
الشرائح الإجتماعية.
لذا
بالتراكم و الإضافات تتولد الثورات , ومن اثورة الى التطور , و لأن سنة الطبيعة لا
تأبى الركود و الستاتيكية , فمن تلك
الفكرة البسيطة الساذجة يأتي تغيير المحيط بل العالم.
تقوم
نساء (أثينا) بثورة مضادة ضد رجالاتهن , من كبار قادة الجيش , وقادة الساسة و
الحكام , و يمتنعن على معاشرة ازواجهن بالفراش , سمى الظاهرة هذه الباحث الأمريكي
( سيلديز) بالأضراب الجنسي.
وفعلا
نجحن نساء ( أثينا) في اضرابهن الجنسي , الذي سرعان مل تحول الى تحجج و ممانعة و
مقاومة سياسية , و صار ما يميز الممانعة الجنسية ما يميز النضال السياسي. وهكذا
شعروا معظم هؤلاء الرجال الطعن في بعولتهم 7 ورجولتهم , ووذكورتهم , وفعلا
استطاعوا أن يتنازلوا عما اصايهم لأنقاذ غرف نومهم , و افرشتهم المخملية الحميمية.
سابقة
خطيرة هذا ( الإضراب الجنسي) , العديد من الباحثين و النقاد كانوا يحسبونها بمجرد
لعبة درامية محاكاة لأفعال نبيلة , بعيدة كل البعد عن الواقع , لا توجد نساء يتفقن
ضد بعولتهن حول الإضراب الجنسي , بما يشير اليه ( الجنس) بصفة عامة الى جل الأبعاد
النفسية و الإجتماعية و حتى الثقافية للفرد و للجماعات.
تغاجأ
العالم وهو يرى بالواقع نساء الولايات المتحدة الأمريكية ابان التمييز العتصري
بإضراب النساء جنسيا فذاقوا الشيوخ و تجار الرق و العبودية درعا , و تنازلوا عما
فيهم للنساء لأنقاذ السياسة.
ايضا
تم ذلك ( بكينيا)..... ة بالعديد من الدول.....
تعتبر
الدراما الكونية و الملحمة الشعرية الخالدة ( أوديب ملكا) أكبر محاكاة تتجلى فيها
حبكة صراع الأجيال , جيل من الشيوخ متثبت بالسطة , نسي كيف وصل , بل أغلق الأبواب
وسدّ النوافذ , وحطم ادراج السلالم لكي لا يصل أحد بعده - نسي في نفس الوقت أنه
يهدم المعبد على من عليه من مصلين - و ايضا جيل شباب يريد الوصول الى الحكم/ الكنز.
بالديكتاتورية
ليست فكرة فقط و انما فعل مستتر سرعان ما يطفو على السطح كلما مست الديمقراطية
بمكروه , كون الديمقراطية ذات طبيعة هشة , لذا أوجب دوما الدفاع عليها و تقديم
المزيد من قرابين الضحايا و الشهداء. فإذا
حاز جيل معينا على السلطة ( شباب - شيوخ) صار ديكتاتوريا
.
تعتبر
مأساة / تراجيديا (أوديب ملكا) النموذج الأمثل و الأمثولة الأكمل لصراع الأجيال
حول السلطة.
قتل
( الهولة) , قتل (أباه) , تزوج (أمه) , أنجب منها
بنينا وبناتا هم (أخوته و ابنائه) في آن واحد .
صحيح
خلص المدينة من ( الوباء) , لكنه نسي أن يخلص نفسه من العار و ما اقترفه في حق
محارمه وفي حق الأخلاق العامة و المدينة بصفة عامة.
ولذا
يحكم على نفسه بأن يقضي جل عمره أعمى حسيرا و قد كان بصيرا , تائها طريدا شريدا
وحيدا بالمدينة , متخليا على الحكم مكرها
لا بطل.....
تاركا الحكم الى جيل أخر , يعرف بطريقته الخاصة كيف يجيب عن لغز أخر , عن
هولة أخرى , عن حكم أخر , شريطة أن يعي دوره في اللعبة الديمقراطية أو انه يسقط
باللعبة (الأوديبوسية) : قوة , حكم , ضعف , و لعنة تاريخية و الشبيه بالتاريخ.
إلا
أنه في نفس الوقت شيّد لنا حكما دراميا , سيظل فيها الملك الى أبد الأبدين حتى ان
كان اقترف كل الأثام الأخلاقية و الإجتماعية و السياسية , و كان يكفي أن تقول
الأنام :
-
ما هو الكائن
الذي
يمشي في أول النهار على أربع
و
في وسط النهار على اثنين
وفي
أخر النهار على ثلاث ؟
سيكون
الإجابة : الإنسان
ومن
صاحب الأسئلة ؟
-
ستكون الإحابة : ( الهولة)
أو (أبي الهول) أو ( السفانكس).
ومن
أجاب بالأمس و اليوم و أبدا ؟
الإجابة
: (أوديب ملكا).
ولكم الخيار بين حكم الشيوخ , وحكم الشباب ,
وبينهما , و بين الديمقراطية و الديكتاتورية , و بين الحكم و الحكم الكنز !.