جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
عامر الطيبنصوص

الرجل الذي أراد أن يحبكِ مات ببطءٍ

 

الرجل الذي أراد أن يحبكِ مات
ببطءٍ

عامر الطيب


..

الرجل الذي أراد أن يحبكِ مات

ببطءٍ

لأسباب يصعب ذكرها

و الآخر الذي صلى من أجلك مات

مسرعاً في حادث سير ،

ذلك الذي عرفك في وطنه

مات مطروداً خارج موقده

أما الآخر الذي صادفك

في منفاه

فقد أُعيد إلى بلاده بالنور و الأغنيات الحزينة

و الأعذار.

إنه موت مقابل موت

لكنها ظروف مناسبة

ليظلَّ بإمكاني ألا أحبك كالموتى !

لما أردنا أن نبني بيتاً صغيراً

لحياتنا

جمعنا الحجر و الخشب و العصافير

و صممنا النوافذ

في أماكنها .

لما أردنا أن نؤوي حياة

الآخرين

معنا

في البيت نفسه

لم نجد في جدرانه

المساحة التي تسع الأبواب !

قررتُ أن أجعل نفسي

قارباً و أحمل رفاقي في الأوقات العصيبة .

إنهم أطفال

يعبثون بحياتي لكني أودهم

و أريد أن أجعلهم أقوياء و مطرودين

من مدنهم الميتة،

أريد أن أربي ذاكرتهم في الماء .

لقد عبرنا الأنهار

لكن المرارة لم تنته ،

لقد وصلنا إلى بيوتنا سالمين

لكن أيامنا الأخيرة منذورة للطوفان!

كما يفتح العصفور الصغير

فمه لالتقاط طعامه

هكذا أود أن أقبلكِ

إلى أن تكبري و يشتد جناحاكِ،

إلى أن تعبري الأشجار

وحيدة و عالية ،

إلى أن أبرد و أنزوي ،

 أطير متخبطاً لأعرف ما هو مسموح لي

و أرتطم بالجدران لألهمَ نفسي !

أضع على كتفي زهرة و أمشي،

 أحب كمن يتلطخ بالوحل طفلاً عصامياً،

 أستلقي على العشب

و أتذوق الكلمات التي لا أود أن أقولها ،

 أركض إلى البيت،

ألمس حجر التنور الذي لم يعد يطعمني،

أرحب بأعمامي

الذين يحكون النكات لأضحك بصوت عالٍ مثلهم

لكنني لا أفعل ذلك .

أعمامي الموتى

الذين أطالع صورهم الآن لأسمع صوتي !

قلتِ على الهاتف:

"لقد أحببتك بشجاعة الجنود "

فسمعتُ الجنود الذين لا يمكن إسعادهم

على عتبة بابي.

قلتِ:

"أردت أن نتمشى بمودة كطيرين"

و ها هي زقزقة بعيدة و متقطعة

و شاحبة أيضاً

قلتِ:

"يمكنني أن أبحث عنك في الخريطة"

فسمعت بلادي

تندب

بين الخطوط

و أسماء المدن .

إنك تكتفين بما تقولينه

وأنا الذي أضع أصابعي على أذنيّ لكي أرى!

توقعتُ البارحة إنني سأرحل اليوم،

سأحتفل كشاب

في الأربعين من عمره و بصحة جيدة،

كنت راقداً في غرفتي

وأنا أُسعد نفسي

بأبسط الكلمات،

 قلت سأفرح بصفاء و مرارة ضئيلة ،

لكنهم أصدقائي لا غيرهم

سمعوا إنني سأجيء بقدمين زجاجيتين

فبدأوا يرصفون طريقَ العابرِ بالأزهار!

الحياة التي أحببتك بها

كانت كرسياً مريحاً عشتُ هناك و انتظرتُ

و دافعتُ عن سأمي،

حدقتُ بالعابرين

و بالعشب بين قدميّ

ففرحت لأن الكرسي أعانني على ما يحدث لي.

الحياة التي أحببتك بها لعبة بأطراف حادة

إننا ننسى ألعابنا التي نقذفها

من النافذة بعد فترات وجيزة

لكن اللعبة التي نكسرها بالحائط لا تُنسى !

لأن هذه القصة قصة حقيقية لرجل سكن في بيت جميل

على ضفاف دجلة مثلي ،

فعل ما يجنبه الحرب

ومن أجل ألا يتشبث بحياته

كحيوان ذي مخالب ضعيفة

أحبَّ من بحر إلى بحر و من مقبرة إلى مقبرة

ثمّ اختفت أخباره

فانتهى به الأمر إلى أسطورة ،

لقد آن لي أن أصنعَ له أثراً

لأنّ هذه القصة من تأليفي !


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *