أزمة الأغنية العصرية و الأنشودة الدينية
العقيد بن دحو
*-"أن الأمم و الدول أول ما تٌمس , تٌمس في أغانيها " / العلامة
الإجتماع ( بن خلدون).
والطبيعة لا تأبى الفراغ , يحسبها الجاهل مجرد أغنية طربية تهز الوجدان و العواطف و انتهى الأمر , انما
الأغنية حضارة و ازدهارها من ازدهار الأمم و الشعوب و العكس صحيح.
و لأن الفن بالمقام الأول و الأخير
قائم على التوازن النفسي , العقلي العضوي الإجتماعي أو ما يسمى بالعدالة الفنية مضحوبة بسلامة
تاذتئقة الفنية , و أي خلل فني ينعكس على المجتمع ككل.
بالواقع كما لا توجد كتابة بريئة
ايضا لا توجد أغنية بريئة. فجميع الغنون الزمكانية تطرح تأويلات عدة نفسية عقلانية
اجتماعية ثقافية اقتصادية سياسية اجتماعية , فكم من انشودة أو أغنية تبدو على
السطح مذهلة مدهشة هائلة , غير انها بالعمق كالبروبجندا / الدعاية تنمو بالتراكم
أو بالإضافة , سرعانا ما تخفي لوحى خلفية سواء على مستوى العرق او البيئة او
التاريخ كما يقول (تين).
الجدل القائم اليوم , و المتلمس للمشهد الثقافي و الفني أو حتى الإجتماعي
يجد , ويلتمس هيمنة ( الأنشودة الدينية) بكل المقاييس الجمالية الفنية , و انها
يوما عن يوم تعرف جيدا طريقها الى أين تسير.......!.
بدأت مجرد انشودة دينية منشد انفرادي مع كورس , لكن سرعان ما بدأ يتشكل في
ايقاعات مختلفة و ألحان مختلفة , وبدأت تتوسع
على مختلف الألات الموسيقية , وعلى مختلف الشرائح الإجتماعية , كما استطاعت
أن تقتطع لنفسها شريحة لا بأس بها من الجمهور , جمهور مصفقا و النساء يزغردن , بعد
ان كان الجميع يعبر عن اعجابه بالتهليل و التكبير.........!.
بل لم ولن تكتفي الأنشودة الدينية بكل هذا التثمين , بل استقادت ايما
استفادة من غياب الأغنية العصرية من المشهد
ة الركح , و صار لها ( مايسترو) و ( كوتش) أو مدرب ايقاع يتنقل من ولاية
الى ولاية , بل صار لكل ولاية , بل لكل دائرة , بل لكل بلدية , بل لكل حي فرقتها
الإنشادية.
في حين و كأن الدولة تخلت عن
الأغنية العصرية التي لها تاريخ بالثورة الجزائؤية الكبرى , كما كان لها تكوينها
القومي و الوطني لمختلف الأجيال حتى بداية التسعينات , و لعل فرقة جبهة التحرير
الموسيقية و المغني الشهيد ( علي معاشي) هو الصوت الفني الجوائري الخالد من تحميه
الدولة الجزائرية الرسمية كيوم الفنان يوم 7 جوان من كل سنة.
على الدولة الجزائرية ومن
خلال , ووزارة الثقافة أن تعود الى اغنية
العصرية , فإنها ليست مجرد أغنية انما ( الأخر) الذي يعرف في كل مرة من أين تؤكل
الكتف السياسية , و يعرف جيدا معنى الغاية تبرر الوسيلة , بل الوسيلة هي الغاية (
الميكيافلية و الماكلوهانية) , و ان سياسة حرام عليكم حلال علينا) نهج - لابأس ان
كانت مخللة . تبدو الإشارة / التلويحة / التلميحة أعطيت و منحت ( للكوتش) لقائد
الجوقة او لقائد الكورس لنشأت و تكوين فرق الإنشاد بكل شيئ بالبيت , بالمصنع ,
بالحقل , بالبلدية , منظمة بشكل جيدا
موحدة المعنى و الأسلوب و الغاية , ساعتئذ ,وقتئذ ,ويومئذ لم تعد لنا أغنية على من
نتكئ عليها اذا اردنا قراءة التاريخ من جديد ’ يكون تاريخا أخر شٌيّد لنا ( بما
شاء الله ) !.
على الدولة فورا ان تعطي اشارات لكل ولاية من تأسيس فرقة موسيقية عصرية ,
مصحوبة بكل معداتها الموسيقية المالية و المادية و البشرية , لأن الظاهر ما هو
بادي اليوم خطير يبغث على اختلال التوازن , ولا سيما اذا بدأ ( الحلم) يتبلور في
شكل ( فكرة) , و الفكرة الى ( فعل).......
تماما كنوايا الأعمال و الجمعيات
الخيرية التي تبدأ خيرية و انتهت الى حزب سياسي , حين يذوب الإستغلال الخيري
بالإستغلال السياسي.
أو من خرج دائما من الباب هو لا يكل ولا يمل أن يعود يوما من نافذة أي شيئ
و لو كانت انشودة دينية كحلم محبب الى القلوب , قبل أن تخرجه السياسة وتدخله
الجيوب.
على الدولة ان ترعى شخصيا بالمواهب ولا سيما على صعيد الموسيقى و الأغنية ,
فالحباة الجميلة اسضا حرب وسائلها ومعداتها الحربية الثقيلة و الخفيفة الألات
الموسيقية و اللحن الجميل.
لذا كم كانت صادقة حكمة الأفارقة ( هامباتا امبا) الذي سجلها (كايدارا)
القائلة : " انه يمسك بالحياة و يعيد توزيعها حسب قاعدة الغناء و عدالة الرقص
"
أن ابواب الدول و الشعوب مفتوحة , فبإمكان ( الريح) و ( حصان طروادة) يدخل
من أي باب (....) , ان لم يٌسّد بالبذيل و الوعي و الإساشراف و الإنتباه لكل صغيرة
وكبيرة ’ ةلكل خير وشر , ولكل جميل و قبيح , غما هو جميل ويهز الوجدان حبا ووجدانا
, بإمكانه أن يهز الأرض من تحت اقدام الأنام وهم نياما في بلهنية , فالأزهار يمكن
ان تكون أزهار شر / les fleurs du mals g و الحديث قباس اذا كانت اعانينا تشهد على مدى
تقدمنا و ازدهارنا , و أول ما تٌمس تمس فينا كساكنة و سكانا ’ غير الأغنية همشناها
سنينا طوال وها هي اليوم تهمشنا و تقدم لنا الوجه الأخر الذي يلقة كل ترحيب ,
الترحيب المر بإسم الإيديولوجيا و المعتقد.
" خذ الراي اللي يبكيك ما تخودش الراي اللي يضحكك " او كما يقول
المثل الشعبي...... ربنا يحفظ اوطاننا و اذواقنا وسلامة حواسنا لكي نرى الشجرة
التي تخفي الغابة , و لندرك المغزى الجيد من الحواس و تداعي الحواس كأن نجعل من
المرئيات مسموعات , ومن المسموعات اذواقا , ومن الأذواق مشمومات , و من المشمومات
ملموسات , وهكذا ذواليك , و إلا نقرأ على ارواحنا السلام , و السلام / peace
يصنع تماما كما تصنع الحروب.