ظهور البلية
نبيل عودة
تزوجا قبل دخول الاحتلال بليلة واحدة، فحلت دخلتهما مع دخلته، حاذت نكستهما نكسة عربهم. قضيا اسبوعا قاسيا، تشردا في الخلاء هربا من القتال الذي حاذى قريتهما. البيانات المذاعة اوصلتهما لوطنهما السليب، حقيقة ما جرى أذهلهما، شملتهما الصدمة، اغرقهما العار، اهاجت الذكريات رعبهما، هو ايضا ارتعب، البلد كلها ارتعبت، مدد من الخوف والرعب، طوفان من العار، تناثرت احلامهما،
----
انقلبت موازين الواقع وحدوده وتاه الادراك. اعتراهما اليأس، واجها واقعهما اشبه بالضائعين، توجسا من ظواهر الاشياء وحذرا بواطنها ...
مرت الايام، بدا الناس يعتادون على الواقع الغريب ... استحوذت عليهما مشكلتهما، ولت العشرون سنة، يصعب عليه تصديق ذلك. عشرون عاما ؟!كيف مرت بغفلة من الزمن ؟! فقط بالأمس جرت المعركة هنا بمحاذاة القرية، قبل ذلك بأسابيع كان يلاحقها بشوارع القرية وحاراتها ويبث لها لواعج عشقه وغرامه. لا يزال يشعر برعشة الحب الاولى، بتوتر العناق الاول. عشرون عاما لم يفكر بما يحيطه عداها، لم يقف على شواهد الأحداث، يتأمل ما عاناه من وحشة، يتذكر صبره الطويل الممتد حتى الساعة، يكره تلك الأيام، حتى لو لم تكن السبب في معاناته. برأسه هدف لا يمل من السعي نحوه، لا يفرط بحبه، يواسي المها الواضح، يحنو عليها، ينسيها قساوة القدر، عبء المعاناة وجهد الصبر.