هيثم الأمين
..
نوبة صراخ
ــــــــــــــــــــ
أنت، المتعب منكَ،
اصرخْ...
ربّما، يورق صوتك على أشجار الضّجيج
فتصير وطنا لسنجاب
أو مأدبة لحيوان "الكسلان"
يلتهمك
و هو يحدّق، في العالم، عبر عينَيْ عصفور
!
أنت، المتعب فيك،
اصرخْ...
لتهتزّ حبالك الصوتيّة
فيتوقّف "زوربا" عن الرّقص
و يمدّ القصيدة بين صمتَيْكَ قبل أن يعود
إلى موته الأخير
فتعبر شامات حبيبتك من
الـ"أحبّكِ"
إلى نكهة شفتيك !
اصرخْ أقوى، يا أنت
فصراخك باهت كجرح غائر في صدر جنديّ عالق
في وليمة مدافع؛
ربّما، تسمعك أقدام الرّفاق المبتورة
فتضحكْ،
ربّما، تسمعك بندقيّتكً
فتبكي
و ربّما، تسْمَعُكَ.. أنتَ
فتقطع حبلك السّرّيّ و تولد من زرّ قميص
نسيته حبيبتك مفتوحا !
أنت، العالق فيك،
اصرخْ...
ربّما، تتعلّم أصابعُكَ كيف تكون باعة
متجوّلين
فتبيع كلّ قصائدكَ المحشوّة بكَ
و بحزنكَ
و بخبز صدرك الذي لم ينضجْ في صدر حبيبتكَ
فتصير خفيفا منكَ
و يصير عنقك واسعا
فتنفلتَ من قبضتكَ !
اصرخْ...
ربّما، يُفزع صراخك وجهك
و كلّ الظّلال التي تطاردُكَ
فتكتشفَ غواية العواء
و كيف تصير مدينة
شوارعها لا تحمل أسماءً
و مقاهيها لا تمنح كراسيّا لروّادها !
اصرخْ...
كما صرختك الأولى
حين سقطت في عرائكَ
فاكتشفت أنّ المرايا لا تصنع انعكاسا
ضاحكا لوجهك العابسِ !
اصرخْ...
كما صرختكَ الأولى
حين سقطت في الاشتهاءْ
فاكتشفتَ أنّ الأرصفة لا تؤجّر، لقبلتك،
زاوية بالمجّان !
اصرخْ...
كما القطاراتْ،
كما الأحذية الضيّقة،
كما المجاذيبْ
و كما أمّك التي قذفتْ شبيهك إلى الهلامْ
ثمّ جلستْ تنتظرُكَ
ربّما... صراخكَ
ينقذكَ
من اكتمال الصّمتِ فيكَ...