جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
فاتن أنورنقدهايكو

الهايكو اليوم.. بين المطرقة والسّندان

 

فاتن أنور

الهايكو اليوم..
 بين المطرقة والسّندان


الدّفء الذي أنضج الثّمرة لا يحتاج إلى عدسة وزاوية رؤية ليثبت حقيقة وجوده

الأريج الذي يشدّنا ويخبرنا عن الحقل الواسع قبل أن نراه لا يحتاج وسيلة نقل.

صوت المطر الذي يتسلّل إلينا عبر غرفنا المغلقة عن السّماء ..

هذاالفرح الخفي في عيون الأطفال بلا سبب..

تلك اللحظة التي تأسرك عنوة لا تحتاج إلى تفسير ،ولا قراءة وفذلكة لغوية لتقنعك بالنّص إذا لم يحرّكك كما هو بلا تشريح..

الهايكو ليس أحجية ولا كلمات متقاطعة ترصفها للقارىء وتذهب ليربط بينها،

وليس مجرّد ثلاثة أسطر تصرّ فيها على نقل أحداثك اليوميّة المعتادة وكأنه موجز أخبار  لا يتعدّى اهتمامك

أنت. 

ولا هو بالمشهد الذي تتخيّله

عنوة ،وتعصر فيه قدراتك اللغوية وتستحضر فيه شيئا لم تألفه أو تختبره بحواسك ..

هذا اللون الأدبي ليس بحاجة جلسة استحضار،  وطاولة قصيّة عن العالم ومنفضة سجائر مكتظّة .. هو يفرض نفسه أمامك حتى في انشغالك  يضيء داخلك لدرجة أن تشهق دهشة .

هذه القصيدة حرّة لا تتقيّد بذاتيّة الشّاعر ولا تكتبها عاطفة طارئة ..

هل يكفي المشهد البسيط  لإشباع العمق ؟

ا

نعم، ولم لا ..

هذا هو تميّز الهايكو وفرادته واستغناؤه عن الحشد العاطفي .

الإلتقاط فن والإصغاء والتأمّل خارج ذاتك.

 الهايكو قصيدة تثير جدلاً واسعا  .تعدّدت التيّارات التي تجذب الكاتب حتى أصبحت القصيدة معتركا ووقفت بين خيوط الشّد والجذب .الهايكو كان ملاذاً للحروب والتمزّقات في بلده الأصلي اليابان، وطريقة لفهم العالم بلغة الطّبيعة بعيداً عن الصّخب والانعتاق لدنيا رحبة ..وهذا من أسرار نجاح الفكر الياباني ونهوضه بعد الحرب العالميّة.

الصّراعات والثّأر العربي كان وما يزال

يحشد نار الشّعر حتى وصل الأمر إلى فقدان الثّقة بالكلمة وقدرتها على إثارة العاطفة وتحوّل إلى شعارات جوفاء  ..

للهايكو خصوصيّة التّأمل والفهم والعمق .الإيجاز والمشهدية والقدرة على نقل المشهد دون اقتحامه..

قد يعجز بعض الكتّاب عن الفهم الصحيح لخصائص القصيدة،أو حتّى البحث عنها ويصرّ عن جهل أو تجاهل

على تشكيلها حسب فهمه هو وما يناسب معتقداته، ويلائم تفكيره

ناهيك عن افتقاد أبسط مقومات الشّعر وجماله .

طبيعة البيئة العربيّة تضج بالصّراعات بدءً من صراع القبيلة وحتّى الصّراعات الخارجيّة، وهي ما يحكم رؤية العربي وتجربته الأدبيّة.

النّضال الوطني ليس مدعاة للشك

ولا التّناور أمام الحق الواضح وهذا ليس مطروحا للنّقاش .

 الإبداع  ليس في نقل صراعنا على الورق بدل تعرية هذا الواقع وكشفه

دون المساس بخصوصيّة اللون الذي يختاره الأديب لمجرّد إرضاء القرّاء..

رحم الله الشّاعر المناضل والذي خاض عدّة حروب مقاتلاً وشاعراً عز الدين مناصرة يوم قال لي

الشعر اليوم لا يقول لك قاتل بالبندقيّة ؛هو يشير لتلك الطّفلة التي راحت تبحث عن دميتها وسط الركام

وتبتسم ..

هل ننجح في أخذ نفس طويل قبل كتابة القصيدة ؟ هل ننجح في عدم السّماح للغضب أن يحرق براءتنا الأولى وحقّنا في الحياة ؟!

هل ننجح في الإصغاء لما يقوله الكون صامتاً دون ثرثرة ولا صراخ ..

وهل سيكون الشّاعر على قدر المسؤوليّة والوعي لتقديم قصيدة مختزلة تخلّد اللحظة وتفتح بعداً للرّوح التي أنهكها صخب هذا العالم وتجاذباته، ويتجاوز فكرة العداء والإقتتال التي تعشش فيه منذ أمد؟

ستنتهي الحرب يوماً.. فهل لنا القدرة

عندها على الحياة، وإعمار الكون؟ أم أن قدرتنا محدودة فقط في البحث عن حرب أخرى بيننا

قد لا تكون موجودة إلا في خيالنا لتغذّي غضبنا القديم ؟ 

الهايكو كما قلت سابقا هو دعوة للتّصالح مع أنفسنا والكون من حولنا

هو دعوة للحياة..

لننتصر للإكتشاف الأوّل وبراءة الطّفولة على تفاهة

اليوميّ المكرّر والمستهلك. الأمر يشبه

زراعة الورد في القنابل !

شتلاتً الحبَق،

في الحقل تنفجر

 قنبلة

فاتن أنور / رئيس نادي شعراء الطبيعة هايكو الأردن

6/5/2021


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *