المبدع عبد العظيم فنجان
الأوديسا السومرية // القصيدة كاملة !
هذه المرسومة ُ بعناية
على لوح ٍ من الطين ، المحفورةُ في نبض الزمان :
هذه الأمُ السومرية
التي ما زالت لحد الآن ، منذ أول دمعة حزن ، تلطمُ رأسها بيديها ..
لعلها فقدتْ ابنها غيلة
ً .
لعلها اعتقدتْ أنه
أفلـَتَ من يد الحياة بموجة كالنصل ، حادة ، فابتلعه الفراتُ .
لعلها أشعلتْ الشموعَ
جالسةً ، على الشاطيء ، بانتظار أن يعودَ به الملاكُ .
لعلها رأته ، في منامها
، يسقط ُ في المعركة ، ذات حرب ، وساوته الخيولُ بالتراب .
لعلها سمعتْ أن عشتارَ
أغرمتْ بجماله ، فاصطفته إليها ، ثم مزقته بعدما أنهتْ وطرَها .
لعلها أضاعته في أحد
أسواق أوروك :
خطفه تاجرُ رقيقٍ ،
وباعه .
لعلها ساومتْ ،
حتى آخر شهقة من ينبوع
جسدها ، من أجل أن يطلق جلجامش سراحه ،
فلا يتعفـّن من رطوبة
الخلود ، في زنزانة أفكاره .
لعلها سمعتْ أنه كان
يعبثُ مع البغايا ، في حانات أريدو،
فطعنه سكيرٌ حتى الموت
.
لعلها ظنـّتْ أنه
تجرَّع السمَّ ، مع أحد الملوك ، ودُفن في مقابر أور .
لعلها ..
أنا يا أمي كفرتُ بكل
هذا ، بكل هذا وذاك ،
بكل هذه الأطوار من
الفقدان والحزن .
بكل هذه البلاد التي لا
تتقن إلا خنقَ الينابيع ،
إذ تنبع تحت نعل الريح
.
بكل هذا التاريخ الملطخ
بالفيضانات، بالدم ، وبالدموع .
بكل هذا وذاك ..
حتى انشطرتُ غرباً
وشرقاً ، وهمتُ وحيداً في الجهات.