ترنيمات لطائري المهاجر
ادريس سراج
فاس المغرب
ترنيمات لطائري المهاجر
شجرة الكلام
معقل الريش
كبر الطير و لم يعد
قادرا على البكاء .
كبرت عيناه و استقر
بهما الحزن
يحوم حول أعشاشه
القديمة
و ينثر ريشه العزيز
على سواد القبور .
على أنثاه الغائبة .
أقمت له في عيني نافذة
و أعددت الأكفان لمصرعه
المحتمل
مرت أولى الفصول
مر آخر النشيد .
و كنت على مشارف البهاء
لما استكان بالوريد عطش
غريب
سفر جديد .
بالباب فاتنات
يرقصن لرحيلي
يشيعنني
لكابوس ينتظرني في أول
الطريق
في أول الحزن .
يخرج الطير الى أوقاتي
يمدني بصبر الأثقياء
و يهمس في حزني
سور الرحيل .
أنا هنا أو هناك
حصاري واحد
و المياه شاهدة على
خصوبة الفكرة
ثم ها أنا
قد أتيت ظلا لجناحه
المرتعش
و كان صوتي يتبعني
عجوزا يلهث .
أباركه في سري و أقاوم
شهوتي للبكتء .
أنثاي العذاب
كيف السبيل الى مقام
اللذة ؟
و أنا الدهشة لا أنتهي
أنا السؤال .
أيتها السماء الخفيضة
هبيني حزنك البديع .
كي أسيج حلمي بغمام
بسيط
وأصرف عيني عن ملابسات
المساء .
أصوات رفيعة تحاصر كفي
فأوزع صمتي على كل
النوافذ التي
سخرتني لأحلامها
الملتهبة
و هذا الطائر يعود الى
عيني
يعبث بكل الصور التي
أحميها من دعابات النسيان
.
أيها الطائر
من تكون تلك المرأة
التي تصيح بي
تبكي هجرتي و ترحل ؟
انظروا جيدا
ليكن هذا الرخام شاهدا
على عذابها .
تحمل المدينة لمدادها
القاتم
و ترسم أرصفة لكل
المستضعفين
و لكل من خاب ظنه في
العشب .
مزقت صوري و أعدت
تركيبها
سقطت عيوني من كل الصور
و علا اللغط .
طائري من شباكه الصغير
ينذب هوائي
و أنا الذي
وعدت عينيه بكل الشموس
و الأغاني .
أنثاي الغمام
لم أنت بديعة هذه
الليلة ؟
هل نشوة ؟
أم وردة على نعشي
المحتمل ؟
ثم من بعض القول الذي
غنوا :
هل صادفك هذا الحلم
العنيد ؟
هل لك هذا الطائرالوحيد
؟
لأكن أشد من الكلام
لأكن السراب الذي
يدثرني
من كل الرغبات المميتة
.
خفف من نورك أيها الورد
فالليل دعابة ماكرة .
يدخل الطير الى حفلي
الغريب
انه المستبد السعيد .
أخاتله
و أروض المكان على
الغناء .
ثم ان المدينة
لن تحرم كل هؤلاء
اليتامى
من البكاء العميم .
ثمة ثقب في آخر الحلم
أسحب منه العشب و أ،تهي
.
خذ أوراقك أيها الطائر
و ضعني في مفترق الجرح
يدلني أقي على واحات
جديدة
من الرقص و الكلام .
هذا مهرك يتها العزلة
سقف واطئ
جلد خنزيرة ثكلى
رمح
خنجر
وسيف بلا غمد
لجد مهزوم
باحدى حروب الأندلس
ثم أوراق ارث
أنا الذي أهدرته .
أعلو كالريح
و أصيح كالمدى
ثم أرقص منتهاي القديم
فلربما أكون الطير
الشريد .
اذن كيف ينتهي هذا
النشيد ؟
ادريس سراج
فاس المغرب