أعلنَ انتهاء الحرب .. فأرداهُ السلام
وصايا مَنحورة
قاسم الرسام
ثمَّة أحياء يحتضرون
على مذبحِ الحبِّ
لا تغضَّ الطرفَ
ترى من جانب الدرب
مواعيدَ ينتظرها الغدُ
لا شيء إلّا أنت
تُبْصِرُ وتُخطئ سفرَ الصواب
أَزح حجابَ الغيبِ
هاجسُ التحليقِ يراودكَ وحيداّ
في ليلكِ المقتبسِ
من ظُلمة الأبد
لا ترى غير وجهك
في مرايا الحقيقة
اقتسم مع نفسك تاريخَ الخراب
أنتَ تعريفُ النار
أَولك جمرة وآخرك رماد
لا قداسة للموتى
سوى ذكرى..
تنتظم فيها الأسماء
لتقرأ ما دُوِّن في المقابر
الموتى لا يتشابهون
لا شيء يبقى .. كلٌّ إلى زوال
عاود التسلل
إلى نهر الدموع
لعلك تنجو من أمواج البكاء
تمشي كأنك غريب ..
أو كأنكَ طيرٌ في سربٍ مهاجر
لا تَعرفُ لغة الفخاخ ..
افتح أبواباً كثيرةً لثرثرةِ الزمن
فلا رصيف شاغر لتكاثر الفضول
في أرحام التساؤلات
قلِّم أظافرَ النعاسِ
علَّك تتغلبُ على وحشتك
هنا الأحلام لقيطة
تعانق منجلاً ..
لا يخشى صحوةَ السنابل
تُعلن يباسها مبكراً
لم تجد غير رثاء الريح
تمر الآلهة كالضوء
تَضيقُ لوحة البقاء
لا خيال يُنجبه الشاعر
غير تجاعيد الفناء
من أرض قصيدةٍ خصبةٍ
يحمل الاغتراب تميمة
يُواكبُ غبارَ الحصادِ
لا فواصلَ هنا..
ثمَّة حسرة يتيمة
تَستلذُ بجرحها الغائر
ليأسك المبعثر ..
أتعبتكَ حرائقُ الذكريات
لا تَخف ..
غفت فزَّاعة الحقلِ في عزِّ
يَقظتها
خلع الغرابُ ثوبَ الحداد
صار سيداً
لا يُجيدُ قواميسَ الغناء
سَيشربك الخوفُ نخباً
وتَمضغك أسنانُ القلقِ الموحشة
عابراً حدودَ الغرقِ
لما تبقى من وصايا النَّحر
لا ملاذَ من بقاياك
تنتشلُ صخبَ الحياة
بأجساد تغزلُ من اليقينِ
خيوطا" لم تبلغ طاعة الأكفان
بلا وصيَّة..
تغادرُ أحاديث التراب
كأن البدايات لا تطلُّ على شرفاتِ النهايات
في قبضة الشمس
بلا كفين تكتالُ الغرسَ
لبذاركَ الأخير
أراكَ تدسُّ صوتك
في جيب الصمت
تُطاردك تضاريسَ الفرحِ
في مواسمَ لم تُنجك من رقادكَ الأبدي
تتوسل أحفاد الطين ،
العائدينَ من معراجِ الخيالِ
الباحثينَ عن أنشودةِ النَّفخة الأولى
في جنَّةِ الشِّعر
____________
قاسم الرسام – العراق
