(أونتجون / أونتجونا) و الثورة الجزائية الكبرى
العقيد بن دحو
ونحن نأخذغمار الإحتفال بالذكرى 59 للإستقلال و الشباب , نستذكر أن الثورة
الجزائرية الكبرى لم تكن فقط مسلحة - وفق منطق ابليس , حين يفكر البشر و فق قوتهم
التدميرية - او كما يقول المنظرين و كبار المفكرين , و انما وفق منطق الفن و الأدب و الفكر و
الثقافة و و على الأقل أن نكون في مستوى ما وصلت اليه الثورة الدزائرية من قيم انسانية هزت العالم , وحين ذاب الإستغلال المسلح
بالإستغلال الذائقة الفنية و الجمالية , اذ الجندي بجبهات القتال لم يكن في حاجة
الى اسلحة تدك قلاع ة احصنة العدو المستعمر المستدمر الفرنسي ’ و انما كان جنبا
الى جنب البندقة في حاجة الى أغنية و الى لوحة فنية , و الى منحوثة , و الى مسرحية
, و الى شريط السينمائي و الى الرقصة و الكلمة الفلكلورية.
لم يكن الجندي الجزائري بجبال الأوراس أو بجبال الونشريس
أو بجبال الأطلس ,و لا بتلال عرق الكبير بالصحاري الكبرى , يمسك البندفية من أجل
القتل و الموت أو من أجل الدفاع عن العرض و الأرض , انما كان يمسكها وملوحا بها الى أعلى , بل احيانا منتشيا على
وقع الزغاريد يرمي بها الى أعلى ثم يلتقطها , بل احيانا استخدمها رقصة من رقصات
العلاوي بالهضاب او قصة من رقصات البارود بالصحراء , و كأنه كان يتبع الحكمة
الأفريقية القائلة : " انه يمسك بالحياة و يعيد توزيعها حسب قاعدة الغناء و
عدالة الرقص " .
هذا الحديث - و اذ نحن نحتفل - نصف احتفال مادام هناك
قيم و اسماء عالمية بالفن و الثقافة ساهمت بهذه الملحمة الانسانية الجزائرية , و
لكن لا احد يشير اليها لا من قريب ولا من بعيد.
من اليوم ولا سيما من الجيل الجديد يذكر على سبيل المثل
لا الحصر , أن المأساة الدراما اليونانية التراجيدية (أونتجون) / او تسمى (أونتجونا)
للشاعر الأغريقي ( صوفوكليس) قد ساهمن وشاركت بهذه الثورة بكبيفية أو بأخرى , ان
لم تكن بالسلاح المباشر كانت بالكلمة.
يوم مثلث لأول مرة بالجزائر بالمسرح الوطني الجزائري
1953 , و انتظر الشعب الجزائري حتى 1954 و ألتحف الممثلون و المخرج و الجمهور الى
ساحات الوغى , بل طلعوا / و صعدوا الى الجبال في الإشارة الى تضحيات اونتجون التي
كانت رمزا وطقسا على تضحيات الوطن الجزائري .
لا بد ان نعطي فهما اخر للثورة الجزائرية , و نستفيد ما
هو عند الأمم الأخرى من حوار الثقافات و وحوار الحضارات , وحتى الحوار بالحرب و
السلم , و منح ثورتنا جانبها الإنساني اكثر منه منطق ابليس او منطق الملائكة.
لابد على المفكري و الأدباء و الفنانين , ان يعيدوا
اكتشاف الثورة الجزائرية في جانبها الأخر الإنساني الذي لم يشرق بعد على العالم ,
و لن تجد هذا إلا من خلال الأداب و الفنون و الجمال و الإبداع , ولا أحد من
العقلاء او من يملك ناصية الفكر يستثني
الثورة الجزائرية عن الحالة ( الإبداعية) , ابداع الفرد و الجماعة , لذا لا غرو ان
جاءت (أونتجون) كطلقة نارية مدوية في وجه (
الخرساء) ة اسمعت كلماتها من به صمم.
اعيدوا اكتشاف الثورة الجزائرية من خلال ( الحواشي) و (
الهوامش) غبدون شك يوجد بالنهر ما لا يوجد بالبحر , و الجزائر في حاجة الى المائين
معا الى النهر و البحر , الى نهر السند و الدرع البشري و الفني و الثقافي و الفكري
الى بحر الثورة الجزائرية المسلحة عدة وعتادا وعبادا.
الجزائر اليوم في حاجة الى كل تاريخها , بل الى تاريخها
و الشبيه بالتاريخ .
لذا صدق (مالرو) حين قال : " لكي تكون لدينا فكرة
عن حضارة ما يلزمنا تاريخ و الشبيه بالتاريخ " .
و ما احوج الفنان الجزائري القومي الوطني اليوم الى (أونتجون) ليس كنص أدبي درامي من
البيريتوار و من ملامح الفكر الكلاسيكي اليوناني الخالد , او كما هي بذاتها , انما
كشبيه بالتاريخ !.
جيب اللي يفهم يا رب .