جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

محمد سعيد حسين

كسولٌ أنا

كسولٌ كفايةً لأفكر بكتابة قصيدةٍ

أُعجبُ بها وحدي، وأُطربُ لجمالها وحدي، وأنثرُ الثناءاتِ عليها وحدي، وأقرؤها على جمهورٍ غفيرٍ

أمثّله وحدي..

كسولٌ كفايةً لأصدّقَني،

وأدعوني لإحياء مساءاتِ الثّكالى والأراملِ والعانسات، بثرثرةٍ تافهةٍ أسمّيها شعراً

أصفَّ صواني البلاغة أمامهنّ،

زاعماً أنّني سأعوضهنّ عمّن فقَدنَ وعمّا فقدنَ

وأنّني من سيمدّهنّ بسلالةٍ جديدةٍ من البكاء تجبُّ كلّ بكائياتنا الشّعرية، منذ الزّير سالم، حتّى مظفّر النّواب!

وأنّني من سيدرأ عنهنّ الحزنَ،

ويملأ جرارَهنّ بنبيذ الأمل، ورؤوسَهنّ بحشيشِ الرّجاء

وأنني وحدي من سيرفع السّوادَ المعنّدَ  عن قلوبهنّ،

ويعيد لأنوثتهنّ ألوهةً اغتصَبها منهنّ الرّجال..

كسولٌ كفايةً لأخرجَ كلّ ليلةٍ من قبري، أرثي جميع إخوتي القتلى الّذين غادروا نساءَهم على حين حربٍ، دون أن يخمّنوا أنّهنّ ينتظرنَهم على العشاء، ودون أن يعلّموا أبناءَهم الرّمايةَ والسّباحةَ وركوبَ الخيل، ودون أن يتركوا لهم طرفَ الخيطِ الموصلِ إلى الحياة.

كسولٌ كفايةً لأقضمَ أظافري بأسناني المنخورة، وأدرأ القيظَ عنّي بمعطفي الشّتويّ الأسود، منبّشاً جيوبَه عن المرأةِ الوحيدةِ مثلي،

تلك التي درّبتني ضحكةً ضحكةً، على كتابة الشّعر في حضرةِ الآلهة، وطمأنَتْني أنّني أجدْتُ الانبطاحَ أمام ممدوحيَّ جميعهِم، مثلما أجدْتُ التّسلّق لأطالَ السّكّرةَ التي خبأَتْها لي بين نهديها..

وحدي، بكسلي المعتادِ، أخرجتُها من جيبِ معطفي، ووهبتُها لأوّلِ عابرٍ إلى قبره، تسلّي وِحدته ريثما أتمّ مراسم الدّفن..

كسولٌ كفايةً لأرسمَ لهباً هائلاً يلتهمُ وحشةَ هذا الليل الأبديّ، ويدكَّ عرشَ السّماوات السّبع لتتفضّل  الآلهة بزيارتي في قبوي الدّهريّ، وتسألني عن العسسِ الّذين قتلتُهم وهم في طريقهم لرعي قطيعِ الأنبياء الّذين لم ينبؤونا بشيءٍ سوى حروبِ الإخوةِ المارقين،

وبكسَلي المعنّدِ أرفضُ الاعترافَ بجرائمي، وترفضُ الآلهةُ اعترافَها بي سيداً مطلقاً في جحيمها..

قصيدتي التي كتبتُها وحدي، وأُعجبتُ بها وحدي و.....

أجزمُ أنّ أحداً لن يسمعَها، وأحداً لن يقرأها، وأحداً لن يصدّقَ كلّ ما جاء فيها من هراء.

محمد سعيد حسين

سوريا


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *