ك راقصي التنورة ، أدورُ في الفضاء ،
حول رأسي الفارغ ..
محمد حبشي
مسافةٌ شاسعة ، بين
انتحار " فيرچينيا وولف " ،
والحيتانِ على الشط ..
قصيرةٌ جداً ،
بين الماءِ وعرش الرب
..
الحياةُ لا تُحْتَمَل ،
حين تدعو سمكة في القاع ،
أخطأتها شبكة الصياد ،
ألا يخطئها الموت ..
حين يدومُ الحزنُ إلى
الأبد ،
وتتلاشى المسافة ،
بين " السوبر نوفا
" والجحيم ..
منذُ تولى "
الچوكر " إدارة شؤون البلاد ،
لم يعد العيش في مدينة
جوثام آمناً ،
لرجلٍ يشبه باتمان ،
أو نجمة آيلة للسقوط ،
تحاول نشر مذكراتها ..
منذُ أسكنَ الشيطانُ
ذُريتهُ ، ب وادٍ غير ذي زرع ،
هَوَت أفئدةٌ الناس
- حين مات النهر من
العطش -
إلى ساحات الحرب ،
وحلبات الملاكمة ..
منذُ فشل
محمد على كلاي ،
في الفوز على مرض
باركنسون بالنقاط ،
لم يستطع
شهيد ،
ب لكمة خطافية من دخولِ
الجنة ،
أو روكي بالباو ،
من الحصول
بالضربة القاضية ، على
جائزة الأوسكار ..
لا تُحْتَمَل ،
منذُ أنزلَ اللهُ على
اللاجئين خيمةً من السماء ،
وعلى الحكام خيبةً في
الأرض ،
وعلينا اللعنة ،
كلما عَدَونَا بلا صهيل
، فوق جماجم الأجداد ..
منذُ اقتربت الساعة ،
وانشق الصف ،
صار بيننا والموت ،
طلقة رصاصٍ
واحدة ،
وبيننا والتطبيع ،
حبتان من فقدان الذاكرة ..
لا تُحْتَمَل ،
منذُ اعتزل هنيدي
التمثيل ،
وأصبح الفراهيدي
أميراً للبحار ،
واستولى القراصنة ،
على السلم الموسيقي ،
وآلات الإيقاع ،
والعروض المجانية
لأوزان الشِعر ،
وألقوا في بحورِهِ
النفايات ، ومياه الصرف ..
لا تُحْتَمَل ،
منذُ اختفى كعب بن زهير
قسرياً ،
ولم تبن سعاد ،
مذ سقطت في بئر الحرمان
،
من شرفتها
بالدور السادس ..
ولم يبكها غريق ، أو
يخلع عليها نبيُّ بُرْدَتَه ..
لا تُحْتَمَل ،
منذُ قطعوا ألسنتنا ،
كي نبيعَ في سوق عكاظ ،
أفكارنا القديمة ،
مجازاتنا المستعملة ،
أحلامنا المبنية
للمجهول ،
أو المرفوعة مؤقتاً من
الخدمة ..
منذُ اختصرنا
اللغة ،
في ضمير الغائب ، وحروف
العلة ،
وأدوات النصب ..
لا تُحْتَمَل ،
منذُ منعنا " بلال
" من اعتلاءِ برج خليفة ،
كي يؤذنَ
في الخليج العبري
للصلاة ..
منذُ كتبوا
على باب مقبرتي ،
قد مات من الضحك ،
حين لم يجد صديقاً يمشي
خلف جنازته ،
أو امرأة ترتدي ملابس
الحداد ،
أو نجمة
تقول له وداعاً ،
وهي تضع زهرةً على قبره
..
لا تُحْتَمَل ،
منذُ أصبح الزمن ،
يدورُ كالفراشة ، ويلسع
كالنحلة ،
وأنا أدورُ
طوال الوقت ،
في حلبات الملاكمة ،
ك راقصي التنورة ، حول
رأسي الفارغ ..
محمد حبشي / مصر ..