آية سامى
..
"عبر الفراغ "
أتلصص عبر الفراغ
على جميع الناجين من
حولي
مثل الذئب الذي لم يأكل
يوسف، وركله المؤرخون
ورقة تهزها الريح، مثل
رقصة الدراويش
أدورُ حول الدنيا
كأنني الروح الشريدة
التي لم يحتويها أي جسد
ففرت
مثل الحقيقة،
مثل أنفاسك
تعلو وتهبط
تدور وتطير
وفي اللازمان تعلق
ربما على فمي.
أطير
أرقص
أدور
وأحن إلى جسدي الأول
هذا الاحتواء القاتل
كأنه الحب
به أرى العالم الحبيس
وأنا الطير المهاجر إلى
أطلنطس الحكايات
أطلنطس المفقود.
أحسُّ بثقل هذا الكون
وخفةٍ عابرة
أتلصص عبر الفراغ
أجد الصورة،
ولا أجد صاحبها
أجد الجسد الساكن
وتدهشني رقصة الروح
"اغمض عينيك
قليلًا
وستراني"
ها انا هنا في قاع
الخلود
أتلصص عبر الفراغ
مثل قطٍ جائع خلف الباب
أموء بقلبي
لعل صاحب هذا البيت
يراني بأم عينيه
لا بالأشياء التي تُرى!
لا يراني من فرط
الظهور.
أتلصص مثل قمر
يُحيط بنوره الجميع
وهو لا يقدر أن يضيء
نفسه
هذا الجسم المعتم يشبه
كثيرًا ما أنا عليه
منذ أول نبتة تفرعت في
جسدي
حتى الفم الجائع
أتلصص عبر الفراغ
بيني وبينكم حجاب
أنا أرى شعوركم عاريًا
من حيث لا ترونني
من حيث لا ترون دمعيَ العالق واضحًا على زهرة الربيع
على البئر
على النهر
على جسد امرأة تعرت تحت
المطر وغنت بصوت بديع.
مني وفيكم فوضى الحياة
لا يرتب أوراقنا سوى
الريح
لا ينزع عن صدورنا
الحب، سوى الحب.
النسيانُ كذبة لمن ليس
له كذبة
وكأنني خلقت فقط لأزيح
الغبار عن ذاك الذي يتلصص عبر الفراغ،
لأراني
لأتجلى بكاملي على هذا
الوجود الكثيف!