نسرين تجيني
عندما بدأتُ الكتابة
لم تعلم أمي
و لا أختي
حتى صديقتي المقربة
بالثانوية
التي كانت كل قِصَصُها
عنْ حبيبها الذي لا يُحبها
عنْ مُسلسل سنوات الضياع
أخبرتني أستاذة اللّغة
العربية
أنّ الشِعر و الكتابة
ألم
لكنها لم تُجَرب
أنْ تَكتب عن الألم
و لا أحد يقرأ
أخبروني.. أنْ أتوقف عن
كتابة الأوهام
و أنْ أكْتُبَ عن
الفلسفة،
لكنّهم لم يعلموا أنّني
كَنْتُ مُحَاصَرة بفَضاء من الشِعر
حيثُ يتدفقُ الألم،
يتَكَوّن على هيئة كلمات،
نِصْفُها كَتَبْتُها
بالفعل
بينما كان النسَاءُ
يَثُرْن
بأجسادِهنّ
و العِطْرُ يَفوحُ من
خِصلاتِ
شَعْرِهِنّ
كنتُ أنا،
أتعلم كيف أُمسِكُ
المِقَص
لِقَصّ خصلات شعري
الطويل
كُنتُ أجُرُّ جسدي
بِعَبَاءَة طويلةٍ
سوداء
و حِذَاء رياضيّ
كُنتُ أبحثُ عن
رسائل إنتحار الشعراء
و عن مكانٍ هادىء وقت
الفُسحة
أقرأ فيه مولد التراجيديا
و عندما أعودُ إلى
البيت أبحثُ
عنْ كتاب رياض الصالحين
في مكتبة عمي
عندما بَدَأتُ الكتابة
بَدَأتْ روحي تُسَافِر
آلافُ الأفكارِ
و عِنْدَما تَصِلُ
تَنَامُ مُتَشَرْنِقَة حزينةٌ
لقد مِتُّ و بَكَيّتُ
بَكَيّتُ و مِتُّ
غَرِقْتُ داخلي و نَجَوْتُ بِنَفّسي
لطالمَا كان الشِعرُ
نجاتي و مَنْزلي
عندما بَدَأتُ الكتابة،
تَعَلّمْتُ أنْ لا
أُخْفي علامات السهر
و الحزن على وجهي،
أنْ لا أشتري عُلَب
المايكب و أحمر الشِفَاه
عندما بَدَأتُ الكتابة،
تَعَلّمْتُ أنْ لا
أقُول كلّ الأشياء
أنّ أرى كلّ ما أنْظُر
إليه
و أنً أكْتُب مثل عين
طفل صغير
يَبْحَثُ عنْ دَمعته
التائهة
نسرين تجيني