محمد الباشا
قصة قصيرة
العنوان/ نفاذ البصيرة
كنت أنا كبيرة العاملات
في بيت رجل ثري ، بخيل ، مراوغ ، الجميع يهاب سطوته في داخل البيت وخارجه ، ذكي كل
خطاه متقنة ، جاءه ذات صباح أبن أخيه وهو يطالب بأرث أبيه مع عمه فقال :
_ عمي ، أتمنى أن لا
تجافيني وتزيد في همي ، ما بقى لي في حصة أبي عندك غير أسمي ، وأمواله ضاعت في
مشاريع تنتمي للكذب والوهم ، كفاك تلاعبا أعد لي أموالي ولقلبي لا تدمي ، قد زدت
وجعي وغمي .
اجابه عمه :
_ أذهب بكلامك هذا
أينما تريد ، التجارة يوم خسارة ويوم ربح وتزيد ، وهذا الأمر ليس علينا بالجديد .
بعد أيام دخل أثنان الى
البيت ، وقد سمعت أحدهم يقول له :
_ لقد أغضبت كبير
التجار ، صفقتك كانت كلها غش وكنت غدار ، عليك ان تعيد المال ولك القرار ، وإلا
فنحن لا نعرف ما سيصيبك من أضرار .
رد عليهم :
_ أنا لا أخاف التهديد
، واياكم أن تزيدوا بالوعيد ، وليكن رأي كبيركم سديد .
من جهة اخرى كانت
علاقته مع أبنه الكبير تزداد سوءا ، بخل سيد المنزل وقيوده على تصرفات أبنه
وحرمانه من التمتع بأمواله صار سبب مشكلة دائمة حتى قال لأبيه يوما :
_ أبي الغالي ، حرمتني
من اموالك وتأجلت امالي ، أنا أبنك وأعيش هكذا وأنت لا تبالي ، هل تريد أذلالي ؟
وانا أتعرض لألف سؤال وسؤال ، من أصدقائي وعذالي .
الأب بكل هدوء قال له :
_ كل شيء سيؤل اليك ،
وعندها أفعل بالأموال ما يرضيك ، أن اعطيتك الآن أخاف أن ذلك يؤذيك ، تحس ان كل
شيء بالحياة سهل المنال ويأتيك ، عليك ان تعرف معنى المال ولا تجعله يغريك .
زوجته سمعت كلامه فقالت
للأب غير راضية عن كلامه :
_ نحن نستحق منك الكثير
، المفروض نعيش ونحيا كالملوك ونتباهى بالمسير ، سياراتنا يجب ان ينالها كل عام
التغيير ، رحلاتنا السياحية الى كل العالم لنرى كل صغير وكبير ، نلهو ونلعب ونصرف
لاننا خيرنا وفير .
بعد عدة أيام كنت في
غرفة نومي واذا بزوجة سيد المنزل تصرخ لقد قتل السيد ، جاء رجال التحقيق ، راحوا
يحققوا مع الجميع ، فقلت كل الذي حصل لهم .
ذهب رجال الشرطة
والمحققين لأكثر من شهر ولم يكن هناك شيء ، حتى ظننت ان القضية نسيت او انتهت ،
بعد أيام كنت على موعد مع سائق سيد البيت في شقته ، دخلت كعادتي تسامرنا وتغازلنا
، لكنني كنت منزعجة منه فقلت له :
_ أظن أن القضية قد
إنتهت وليس عندهم دليل ، صار معرفة القاتل شيء مستحيل ، وأنت لا تبالي بصبري
وتضحيتي وعملي الجليل ، لقد عاونتك على سرقة أمواله وتركنا الرجل قتيل ، وتحملت
وانتظرتك ان تتزوجني لكنك بخطاك ثقيل ، لا تبذر الأموال هكذا دعنا نهرب بها ونتمتع
ونشفي الغليل ، حتى نودع الليل ونهجر الحزن والعويل .
فجأة اقتحم رجال الشرطة
علينا الشقة وقيدونا ، فقال كبير المحققين وهو ينظر لي بكل قسوة :
_ لقد أفتضح أمرك كم
حاولتي تضليل القضاء ، كم تحدثتي عن أحداث لسيد المنزل مع اناس غرباء ، وكم تحدثت
عن قصص بلهاء ، لكننا تابعنا دخول سيد المنزل ذلك المساء ، بالكاميرات الخارجية
للفناء ، وشاهدنا دخول السائق ولم يخرج حتى نهاية الظلماء ، لم تذكري حادثة وقعت
بين السيد وعشيقك وما كان من اعتداء ، عندما حاول سرقة السيد وهدده بالطرد وعدم
البقاء ، تابعنا عشيقك بعد الحادثة السوداء ، أصبح غني ويوزع المال كيفما يشاء ،
وكان له كل ليلة جولة مع احدى النساء ، وأنت تعيشين عذاب الضمير والحيرة والشقاء ،
والآن تم تسجيل حديثكما ليكون دليلا على الجرم والاعتداء ، فتباً لكما من عقوبة
الدنيا وعقوبة رب السماء .
بقلمي...محمد
الباشا/العراق