رأي موضوعي : الشاعرالحقيقي و الآخر الشمولي ...
ــ باسم عبد الكريم العراقي ـ
بدءاً سأتطرق ، على
عجالة ، لماهية الشعور وتلازمه المعنوي مع الذات الشاعرية .
يمكن ايجاز مفهوم
الشعور الذي اتفقت عليه المصادر المعرفية ذات الصلة، بأنه :
رد فعل ( حس ـ فكري )
يصدرعمن تثيره احداث / مثيرات ، داخلية ذاتية ، و خارجية موضوعية ، ويكون رد فعله
وفق آلية ( استجابة / لااستجابة ) ، تحدده
بنية شخصيته ( السايكو
ـ عقلية ) ، وهي آلية مشتركة لدى سائر البشر ، الا انها تكون اكثر (انفعالية /
فاعلية) ، في الذات المرهفة الحس ، ومنها ذات الشاعر ، الذي
( يترجم ) ردود افعاله
عن تلك المثيرات ، في ( خطاب شعري ). والمثيرات
الموضوعية الخارجية ، (
سأستثني تلك الطبيعية / زلازل ، اوبئة .... ألخ ) ، هي
مثيرات آخروية بكل
مايعنيه ( الآخر ) من دلالات مكزمانية سلطوية مؤسساتية ( السياسية، الدينية ،
الجمعية / الأعراف ،التقاليد والماقبلية الإرثية ، وماشابه) ، وكثرما تتحالف هذه
السلطات ، مع بعضها البعض لتهيمن على الوعي والسلوك الفردي
وتقهره خدمة لديمومة سلطتها،
تحت مفاهيم شتى اكثرها شيوعاً في مجتمعنا ( القدسية ، الشرعية / الانتخابية ،
الوراثية ) لضمان خضوع الفرد لإرادتها ،عدم تمرده على ( ضوابطها ومحرماتها )
المقننة ، ليكما يكون الخروج عنها مقروناً بالعقوبات والأذى والتغييب سجناً او
نفياً ..الخ، وتتنوع اشكال هذه السلطات ، فمنها الشمولية التسلطية الفردية ( حكم
الفرد )، العائلية او الحزبية ( حكم الحزب الواحد ) ، والشمولية مهما حاولت تجميل
وجه تفردها بالسلطة ، تبقى قاهرةً لنوازع الفرد
التحررية ، ولاسيما
الفنان ، واخص الشاعر بمقالي هذا ، كون ان الذات الشاعرية متمردة بطبعها على كل
قيد يحول دون تحليقها في فضاءات الحرية اللامتناهية الافاق ..فهي ذات متسامية ،
مترفعة عن دونيات الخضوع والتبعية لغيرها ،
والشاعر قبل قيامه بفعل
ترجمته ردود افعاله عما يثيره خارجياً ، يكون قد اتخذ قراراً بهذا الشأن ( اي انه
قرر كتابة خطابه الشعري قبل الشروع بفعل الكتابة ) وهو هنا اتخذ ذلك القرار إما
مختاراً ( بمحض ارادته ) ، او اضطراراً ( انصياعاً لإرادة الآخر) ،
و قراره في الحالتين
يعني :
انه اتخذ موقفأً (
مستجيباً / قابلاً) ، او( لامستجيباً / رافضاً ) من تلك المثيرات السلطوية وآثارها
في الواقع الموضوعي ( المجتمع )، ويترتب على كل موقف ، علاقة ( ايجابية / سلبية )
بين المُثار والمثير وكما في الجدول التالي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقف الشاعر (المُثار )
// رد فعل الآخر ( المثير ) // العلاقة بينهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ//ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ//ـــــــــــــــــــــــ
1ـ استجابة للقهر
.......// رضا ( ايجابي) ........// تلاق وتلاؤم / سلام
...استجابة
للمقهور.......// غضب ( سلبي) ........// تقاطع وتعارض / صِدام
2ـ لااستجابة
للمقهور.....// ايجابي ..................//.. سلام
لااستجابة
للقاهر.......... // سلبي ......................//. صِدام
الموجز الدلالي :
الشاعر الذي يتخذ
موقفاً ايجابياً من ( الاخر ) المتحكم بظرفه المكزماني الموضوعي
( اي انه يقرر القبول
به و التلاؤم معه ) ، يكون في حالة سلام معه ,
اما الشاعر ذو الموقف
السلبي منه ، الرافض والمتعارض معه فسيكون مصطدما به.
فما مقياس ( القبول /
الرفض ) هنا ، وعلى اية اسس ( فكر ـ حسية ) تستند مواقف
الشعراء تلك ؟
لما كانت ذات الشاعر
الحقيقي ( متسامية ، مترفعة عن دونيات الخضوع والتبعية لغيرها ) ، كما اسلفت ،
فيكون الانتصار لقيم ( الجمال ، الحق ، الصدق، ومرادفاتها ) هو مقياس ( القبول /
الرفض ) ، في مواقفه ، وان اردنا ايجاد القيمة المتلازمة معنوياً مع القيم الآنفة
الذكر ، نجد انها ( الانتصار للانسان )، اذاً :
الشاعر الحقيقي =
الانسان الحقيقي
الانسان الحقيقي = حر
الوعي ، صادق المشاعر، لذا فهو حر متقاطع في موقفه من الاخر الشمولي القاهر اياه
ولغيره ( الشمولية قاهرة جائرة كونها مستبدة قامعة لمن يعارضها ولايوافقها
ايديولوجيتها )، فتوقع عليه عقوباتها .
لذا الشاعر الحقيقي =
موقف حر متقاطع مع الآخر القاهر لمعارضيه
ــ باسم عبد الكريم
العراقي ـ