جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
حامد حبيبنقد

رواية ُ "على شفا حُفرة "ل/مجدى جعفر _"٣"

 

(دراساتٌ نَقديّة)

                     ------------------

   _ رواية ُ "على شفا حُفرة "ل/مجدى جعفر _"٣"

    


------------------------------------------------

   *ماقيمةُ العملِ الأدبىِّ ، إن لم يُثِر قضية ؟

_ إنَّ أهمّ مايُميّز العمل الأدبى، ويجعل له قيمة عند

الجمهورِ القارئ ، ويُبقيه خالداً على مرِّ الأزمان، مايُثيرُه من قضايا تتعلّق بالواقع ، وهذه القضايا

_فى الحقيقة_هى جزءٌ هام من التدوين التاريخى،

فإذا أردتَ أن تتعرّف على حياةِ الشعوب بطريقةٍ أيسر من التتبُّع التاريخى لهذه الشعوب، فأدخل عالم الرواية والقصة القصيرة لديهم. والرواية _خاصّةً _ عالمٌ رَحبٌ يتّسِع لِعرض عاداتٍ وتقاليد وقضايا.

ومن الرواية والقصة القصيرة، نستطيع أن نتوصّل لأهم القضايا التى تلتقى عندها شعوب كشعوبنا...

لذا تجد الكُتاب المنتمين لتلك الشعوب تجتمع لديهم تشابهات فى نوعيّة القضايا التى يثيرونها، فنستنتج

أن لدينا ولديهم آفات وهموم وقضايا نتوحّد من

خلالها.

_ الكتابة هى إحدى الوسائل الهامة لعرض القضية ،

ومايُميّز كاتبٌ على آخَر، هو كيفيّة عرضها، والكاتب

الأروع ، هو مَن يمتلك مهارات الوصول للقارئ فى أقرب وقت ، والتأثير فيه ، وأن تكون تلك الوسيلة

وراءها غاية يهدف إليها، وذلك هو المطلب النهائى

من العمل الأدبى، لأننا سبق وأن ذكرنا ، أن الجهد المبذول فى كتابة العمل الأدبى لابُدّ أن يصل بالمجتمع والعالَم لإحداث التغيير المطلوب ضد

كل سلبيات الحياة التى نعيشها، وإحداث الإصلاحات المطلوبة، فليس العمل الأدبى الحقيقى للتسلية والتّلهّى، إنما من ورائه غايةٌ سامية تُحرّك

المياه الراكدة لنهرٍ مُتدفّق، والمستسلمين الخانعين

لثورة تغيير ، والمُحبَطين أن يحصلوا على جُرُعاتٍ تدفعهم للتشبُّث بالأمل..تلك هى غاياتُ العمل الأدبى.

___________

والكاتب (مجدى جعفر)  ، عرض من خلال روايته

"على شفا حُفرة" عدة قضايا..ذكرنا بعضها سابقاً ،

ونعرضُ الأخرى ، والتى تتمثّل فى :

(١)أهميّةُ التعليم ، كضرورة حياتية ،فى المقام الأول.

(٢)قضيّةُ الفتنة الطائفية، وانعكاساتها على المجتمع.

(٣) بقاء الفروق الطبقية ، وتأثيراتها المعنوية .

................  

* حول"قضية التعليم" ، مأ أورده ضمن الحديث عن

مصطفى كامل وكفاحه ضد المستعمر من خلال "الدعوة إلى إنشاء الجامعة المصرية ، والدعوة إلى

التعليم بإنشاء المدارس....ومناداته بالتعليم المصحوب بالتربية ، فالتعليم الذى بلا تربية عديم الفائدة "..ويُظهر من خلال ذلك ، طائفة أخرى، هم

طبقة السادة ،الذين يرون فى بقاء الجهل لدى الشعب، ضماناً لبقاء سيطرتهم عليه وامتصاص خيرات البلد لمصلحتهم، فهم والمستعمر سواء فى

تلك النوايا الخبيثة. جسّد ذلك فى الحوار الذى بين (مدحت بك ابن العائق وإخوته) حين أعلنوا بناء

مدرسة، واعتراض عمهم (ابراهيم بك العايق)الذى عاش بالخارج يحمل دماءً تركية ويشعر بأن دماءه

غير دماء هؤلاء الأوباش الفلاحين، فهو يشعر أنه من طبقة سامية ، وهؤلاء من العبيد.."هاج ابراهيم

بك العائق وماج:_كيف تُعلن هذا؟.....أتريد أن تُعلّم

هؤلاء الأوباش؟ ومن يُفلح الأرضَ ويزرعها؟...اعلم

ياابنَ أخى إن تعلّمَ هؤلاء الأوباش،سنكون أوّل من

يتمرّدون علينا، لن نستطيع السيطرةَ عليهم، وسيفان منّا الزمام، وتبور الأرض، وتضيع هيبتنا"..

وفى المقابل، يكون رد (مدحت بك)دفاعاً عن جانب

البسطاء المحرومين ، أن يُعظّم قيمة العلم وأهميته

"لا ياعَمّ، لستُ معك،فالمتعلّم أكثر وعياّ،وأكثر إدراكاً..

التعليم يُهذِّب الحٓس، ويُرهف الشعور، ويُنَمّى العقل

ويُغذّى الروح..حين يتعلّم هؤلاء سيكون سلوكهم أكثر تحضُّراً ورُقيّاً..سيكونون أكثرَ انضباطاً وتحمُّلاً للمسئولية..سيكونون أكثر حُبّاً للإنسان والوطن..البلد

مُحتَلّ ياعم، والانجليز أكثر سعادة بالجهل الذى عليه الناس" ولايُرضى ذلك المتسلّطين الراغبين دوماً فى التسلُّط والسيطرة، ليبقى الصراع قائماً حول هذه القضية، فهى حق أصيل للشعب، ولكن

ذلك لآخر الذى يرغب فى البقاء ،يرى أنَّ ذلك يُقلق مضجَعه ،ويسلبه حرصه فى البقاء.فهذا الآخر مازال

مُصرّاً على اعتراضه:"هؤلاء الأوباش لايُساقوا إلا

بالكرباج..".ولايستسلم حلم الشعب،الذى يُمثّله (مدحت بك).."فمدحت بك يحلم بمدرسة ومسجد

وكنيسة....فمدحت بك مهمومٌ بأمر مصر كلها، ويستشعر الخطر،الغزو الأوربى تمكّن من الوطن كلّه.

"..وعمّه عارضه بشدّة فى بناء المدرسة،وابنه أجهز

على الكنيسة قبل أن تقوم.."

_تداخلت قضية الطبقية فى قضية التعليم،من خلال

تلك الحوارات بين مدحت بك وعمه ابراهيم، ودخل

جزء من الفتنة الطائفية فيها، بالإجهاز على الكنيسة

قبل قيامها.

*ولكن الذى أثار انتباهنا ، أن هذا الصراع أتى داخل

العائلة الواحدة، ولاأرى إلّا أن الكاتب بذكائه أراد

أن يشير وفى وضوح، أن يصوّر الشعب بأنه عائلة

وأن هذا الصراع قائمٌ من بينه، فمجموعّ يريد التغيير والأمن والسلامة وأن ينال حقوقه المشروعة فى خيرات البلاد والتعليم والمساواة وحرية العبادة وتحقيق مبدأ المواطنة، وفئةٌ قليلة لاترى فى ذلك تحقيقاً لمصالحها وأغراضها، فتقاوم بشدة كل محاولات التغيير...وفئةٌ من العُملاء الذين حملوا

مبادئ الاستعمار ،فكانوا عوناً لهم فى تحقيق مآربهم. *وماحكايةُ"إخصاءالعبيد" إلّامحاولة لقهر الشعب  ،

لتبقى تلك المسافاتٌ بينه وبين سادته،مسافاتٌ آمنة، تُبقى لهم السيطرة، ويبقى للشعب الذلّ والخضوع.

* ومن أهم القضايا المُثارة فى الرواية أيضاً:"الفتنةُ

الطائفية" المدفوعة من الخارج ، أوالناجمة عن آفة التعصّب الأعمى، والجهل بحقيقة الدين، ومبادئ المواطنة  التى أقرّتها الشريعة ، والتى يحاول

هؤلاء الجهلاء والمتعصبين والمدفوعين تأجيج شرارتها، فينقسم المجتمع، وتُبَثَُّ فيه روح الكراهية

بدلاً من الحب والسلام، وقد جسد الكاتب تلك القضية فى الصراع القائم بين ( سعدون)

المسلم،و(جرجس) المسيحى.."ووقع فى قلب جرجس :عملتها يا سعدون الكلب...ليه ياسعدون تدسّ بالإسلام فى المسائل الرخيصة دى؟..عايز تقسم البلد لنصارى ومسلمين، علشان تستفيد، لن يبارك لك الرب فى مالك.."..."كان الشيخ سعدون يغمز ويلمز العم جرجس، ويتقوّل على دين النصارى

بالحق مرّة وبالباطل ألف مرّة ..".."ومع احتساء الشاى وتدخين الحشيش يروح سعدون يشرح لهم

_لمن يلتفّون حوله_خططه لضرب جرجس فى تجارته وماله وذمّته وعرضه ودينه".."كان مايُقلق

سعدون هوأن مولد سيدى أحمد الطيب على الأبواب

ولا يعرف مايُخبئه له جرجس هذه المرّة،فإذا كان

جرجس بمفرده،وسدّد له ضربات موجعة، فماذا بعد

أن زاد عدد النصارى...". وعندما همّ النصارى ببناء كنيسة، "كان سعدون قد شمَّ الخبر،بثّه لأصحابه المُتحلّقين حول الجوزة،انتفضوا والحشيش قد أدار

رءوسهم،كلٌّ انطلقَ فى اتجاهٍ مختلف صائحاً:_ياأهل القرية،النصارى يبنون كنيسة!..هاجت الناس وماجت

..الكل يجرى فى اتجاه حى النصارى،مَن يحملُ فأساً، ومَن يحمل كوريكاً، ومن يحمل نبّوتاً، ومن يحمل شومة، وسعدون يصيحُ فيهم: واإسلاماه !!.

ويؤجًّج نار الفتنة شيخ الجامع وخطيبها.."صعد المنبر....وراح يقرأ من فوق المنبر (نَصّ العُهدة العُمَريّة)حين صالح نصارى الشام، وشرط عليهم فيه:"............".." وأعطى المصلّين أقفيتهم للشيخ

بعد أن استدارت رءوسهم تتابع مدحت بك وهو خارج من المسجد غاضباً ويتطاير الشرر من عينيه

وهو يقول: _الفتنةُ نائمةٌ لعن اللهُ مَن أيقظها ! واللهِ

هذا لايُرضى الله ولا فى صالح الوطن".

* أوضح الكاتب بكل براعة أنّ تلك الفتنة الطائفية

لم يفتعلها عاقلٌ ولاوطنىٌ أصيل، ولارجل دين تقى،

وإنما يؤجّج نارَها "المصلحجية"من الطرفين، بما فيهم الشيوخ الأفّاقين، والمُغيّبين والجُهلاء، ومَن ليس لهم علاقة بحقيقة الدين..من هنا، من الجهل

..من المصالح والأهواء يفسد التفكير، وهى علاقة

فلسفية ساقها الكاتب الذى أبدعَ أيّما إبداع فى طرح قضايا عديدة فى روايته التى تحمل فى عنوانها اختصاراً لتلك القضايا ، وتنبيهاً لخطورتها، وكأنه يقول: إن لم ندرك مدى خطورة هذه القضايا ومعالجتها ، فنحنُ بحق "على شفا حُفرة".

*وهكذا يُصبح الأديبُ فاعلاً مؤثّراً بتناوله أهم القضايا المتّصلة بالواقع ،ويُحقّق مقولة (ابن عربى)

"الأديبُ مَن عرف وقتَه"

_____________________________

تحياتنا للأديب المبدع ( مجدى جعفر ) وكل الأدباءِ

الساهرين المهمومين بقضايا الوطن ، الحريصين

على رِفعته ونهضته ، فتلك رسالةٌ سامية لايُدركها

إلّا أولو الألباب.

_________________

حامد حبيب _ مصر


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *