(أنت أيضاً، لا تتحمل الوضوح)
أسامة إسبر
-١-
لا يوجد وضوحٌ في هذا
العالم
رغم أنه يُدْمن رسم
العلامات.
يمنحك خريطة
تقودك إلى جميع البيوت
لكنها لا تفتح باب قلب
واحد.
-٢-
يوماً ما،
سيخرج الجسد من الرحم
مع دليلٍ
يعلّمه كيف يحيا.
-٣-
يوماً ما،
سيكون بوسعك أن تشتري
أرواحاً
وتحقنها في الوريد.
-٤-
كل يوم ستكتشف بنفسك،
أن الخيال، ليس إلا
مصنعاً
للأشياء.
-٥-
بحثتُ دوماً عن الوضوح،
عن معاني للكلمات
عن دروبٍ تقود إليها
الصور،
وعن أسماء للوجوه،
ومع مرور الزمن
شعرتُ أن الفجوة
بين الكلمة والشيء
عميقة
يمكن أن تغرق فيها.
-٤-
منذ طفولتي
علموني ما قيل عن
الأشياء،
لهذا لم أتعلم أي شيء
عنها
سوى أن أشخاصاً غامضين
أو مرضى
عاشوا في أزمنة غابرة
لا أعرفهم ولا يعرفونني
قالوا عنها شيئاً ما.
-٥-
في المدارس
والجامعات،
في المقاهي أيضاً،
وفي الحب،
نردّد عن ظهر قلب
ما ننساه حين نعيش.
-٧-
أيها الآخر،
الذي يمكن أن يكون أي
طرف في المعادلة،
في سَعْيٍ منكَ للوضوح،
للبحث عن منطق في
الكلمات،
أقنعتني أن الكلمات
تُرتَّب
وأن منطقاً يُصنع لها
لكن هذا المنطق هو الذي
لا أفهمه
هو الذي يثير جنوني.
-٦-
أحياناً تغيم وجوه
الأصدقاء
ولا تمطر،
أحياناً تنفتح عيونهم
ويخيل إليك أن هناك
باباً
هربتْ منه النظرة
وأغلقتهُ خلفها.
-٧-
أحياناً لا تفهمُ نفسك،
تحاول أن تُقنعها أن
العلّة فيها
لكنها هنا لا تصغي
تفضّل دوماً أن ترمي
قمامتها
في مكان آخر.
-٨-
بعيداً عن لحظتي
ينضجُ العالم،
بعيداً عن درجة السلم
التي أقف عليها
يصعد العالم،
وفي الفراغ الذي أتدلى
فيه
متخيلاً نفسي محلقاً
أستسلم للوهم
لا أريد أن أشعر
بواقعية السقوط.
-٩-
ثمة أشخاص يفضلون أن
يبقوا غامضين
كي يتكيفوا مع العالم،
كي يصيروا غيمة
كأية غيمة أخرى في سمائه
غيمة تمطر،
كي تسقي نفسها فحسب.
-١٠-
صار العالم معلباً،
والحياة فيه معلبة
وفيها ترى حولك على
الرفوف
طعاماً معلباً
وكلاماً معلباً
ووضوحاً معلباً
وغموضاً معلباً.
ترى نفسك جالساً هناك
أمام شاشة يمر فيها
العالم بملامح معلبة
تفتح الأكياس وتأكل
تزداد سمنة في مكانك
تزداد موتاً في مكانك
ورغم ذلك،
تتخيل نفسك دوماً في مكان آخر،
فأنت أيضاً لا تتحمل
الوضوح.