جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
فلسفةنبيل عودة

هل باستطاعة القوة ان تحقق العدالة؟

 

نبيل عودة

هل باستطاعة القوة ان تحقق العدالة؟

هل يمكن ربط العدالة بالقوة؟

ماذا تقول الفلسفة عن الرابط بين القوة والعدالة؟

والسؤال الأهم: ما هو تعريف القوة؟ هل هو تعريف عضلي فقط؟ ام تعريف يشمل كل ما يستطيع الإنسان (او النظام) ان يفرضه وبأي وسيلة كانت على الآخرين؟

كان أرسطو يفضل القاضي المنصف عن القاضي العادل، حسب طرح أرسطو القاضي العادل يطبق القوانين، وهي عامة في نصوصها، وتطرح المساواة بين كل الناس، بينما القاضي المنصف يكيف القوانين بحسب أحوال المتقاضين الخاصة والنوعية، الأمر الذي يساعد على تجديد القوانين و تغييرها بما يضمن الحكم بروحها لا بنصها.

أي عدالة أفضل؟ عدالة القاضي المنصف أم القاضي العادل؟

التساؤل الأساسي الذي يطرح نفسه: هدف العدالة إقرار المساواة في المجتمع، فهل بإمكانها إنصاف جميع أفراده بنفس القدر؟

حسب رؤية الفيلسوف الإغريقي أفلاطون العدالة هي فضيلة من ثلاث فضائل النفس وهي: الاعتدال والشجاعة والحكمة!!

أرسطو خالفه لأن العدالة بالنسبة إليه ليست صفة من صفات النفس بل فضيلة مدنية يجب ان تخضع للقانون الوضعي.

العدالة، في رأي جون رولس (1921 - 2000) وهو فيلسوف أمريكي ليبرالي كان أستاذا للفلسفة السياسية في هارفرد من أهم كتبه كتاب " نظرية العدالة"، يعتبر رولس من منظري ومؤسسي الليبرالية الجديدة ذات الميول الاشتراكية، يشرح في كتاب له نظريته عن مبدأ العدالة بقوله "انه الإنصاف وانه هو ما يفرض المساواة السياسية بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وان اللامساواة الاقتصادية فيما يخص ملكياتهم و ثرواتهم تفترض مساهمة من يملك لصالح من لا يملك، كي يتحقق التعايش والتعاون ويعم الرخاء". عمليا رؤيته هي محاولة تطوير لفلسفة أرسطو.

 يقول راولس ايضا:" ينبغي أن يتم توزيع الامتيازات بطريقة تضمن التعاون الإرادي لكل أفراد المجتمع، ان تحقيق الرخاء يرتبط بتعاون الجميع، بدون هذا التعاون لن يستفيد أحد من الرخاء". فكرته إنسانية طوباوية بعيدة عن ان تصبح حقيقة في مجتمع رأسمالي تسيطر عليه الاحتكارات الضخمة، التي تحتكر أيضا سياسات النظام الداخلية والدولية إلى حد كبير، يمكن القول ان القوة هي القانون غير المكتوب، وكل الحديث عن تكافؤ الفرص وتطبيق التساوي الاقتصادي حسب شروط تخضع للقانون ظلت مجرد أحلام اشتراكية لم تتحقق بالتجربة الاشتراكية أيضا، فكيف ستتحقق بنظام رأسمالي بالغ الشراسة ("خنزيري" كما يصفه رجال اقتصاد غربيين) مثل النظام الأمريكي مثلا؟!

الفيلسوف والسياسي نيقولا مكيافيللي (القرن السابع عشر)، مؤلف "كتاب الأمير" الشهير، الذي يعتبر أب السياسة الحديثة، كان ينصح الأمراء بعدم الالتفات للقيم السائدة في المجتمع، بل والتصرف بفظاظة إذا اقتضى ذلك الأمر أحيانا، حسب مفاهيمه يجب إسقاط كل الصلاحيات العليا للدولة، لأن الأهم بقاء الأمير (أي الطبقة السائدة)، وانه "من الأفضل ان يخافوا من الأمير من أن يحبوه". طبعا عليه ان يمتنع من ان يكون مكروها، لأن ذلك قد يهدد قوته(نظامه)، وقال ان "أفضل شيء ان يحصل الأمير على القوة بدون رحمة، وبنفس الوقت ان يبرز كعقلاني"، هذا ما نشهده فعلا في تصرفات كل الأنظمة في عالمنا، حتى تلك التي ادعت في زمن مضى أنها تطبق نظاما اشتراكيا!!

إذن كل نظرية مكيافيللي بنيت على فكر القوة، وليس على فكرة العدالة، (القوة هي العدالة) وهو ما يميز الأنظمة الرأسمالية ، لكننا نلاحظ بداية تحول في الرأسمالية الأوروبية، نحو إقرار قوانين عديدة غيرت الكثير من الطابع الاستبدادي للنظام الرأسمالي، ليس تنازلا بقدر ما هو إنقاذ للنظام أمام تنامي الوعي الاجتماعي والسياسي والحقوقي في المجتمع ودور المنافسات الحزبية الديمقراطية في تسريع عملية التحولات الديمقراطية الاجتماعية، وهو الأمر الغائب نسبيا في النظام الأمريكي حيث يسيطر حزبان لا يختلفان من حيث مفاهيمهما المختلفة.. إلا بقشور لا تمس شيئا من الجوهر!!

بنفس الوقت مارست الأنظمة الاشتراكية السابقة القوة بدون أي رادع من برلمان أو أحزاب معارضة أو حركات اجتماعية لأنها لم تنشا أصلا، وكان قمعها للمعارضة يتخذ أشكالا عنيفة للغاية جعلت من القوة، وفقط القوة، السياسة الوحيدة داخليا وخارجيا، لتطبيق مفهوم "عدالتهم الاجتماعية" التي ظلت منقوصة عن العدالة في النظام الرأسمالي. ان مشكلة النظام الاشتراكي هو اعتماده على نفس جهاز الدولة الرأسمالي لتطبيق النظام الاشتراكي، لم تطرح أي مفاهيم لإنشاء الدولة الاشتراكية من ماركس، لينين وستالين. جرى تعميق دور الدولة الرأسمالية في النظام الاشتراكي كجهاز قمع استبدادي نفى حقوق الأفراد أو الجماعات في التنظيم الحر أو النقد للنظام. وطبعا غابت مبادئ العدالة الاجتماعية التي كانت في جوهر الفكر الماركسي!!

اذن ما هي القوة؟

السيطرة على السلطة هي قوة. السيطرة على المال هو قوة. السيطرة على الإعلام هو قوة. السيطرة على سوق العمل هو قوة. السيطرة في حلبة المصارعة هو قوة. السيطرة على رواية الحدث هو قوة. السيطرة على تشويه الحقائق هو قوة. القوة قد لا تكون بالعنف المباشر، والعنف ليس أخطر أشكالها. التحكم بتطبيق العدالة (التي عادة تبقى حبرا على ورق) هي أيضا قوة.

 


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *