جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

أفضل فاضل

الشاعر والشعر

 


إذا كان الشِعرُ محاولةً في إلقاء القَبض على الدَهْشَةِ مُتلبّسَةً بالبَـرق، فلابدَّ لمن يَعتَنيه أن يقفَ حيث يعالج قلبَـه لئلّا تخلع أبهرَهُ تلك الدهشةُ الأزليّة ، و حيثُ يداري شِغافَـه لئلّا تتفحّم بمَسيل الصواعِق ، فهناك تماماً تكمنُ اللآليءُ السوداء و تختبئُ بيوضُ العنقاء.

لا ينفرد الشاعر وحده بهذه الصفات و بهذه الحَظوَة الملكيّة النبيلة ، هناك الكثير ممن يقرأونَ الشعرَ يمتلكونها ، فتراهم ينتشونَ لوقع الحروف مثل طفلٍ فاجأتهُ الهدايا في صباح عيد ، يبعثون في النصِّ روحَـهُ الأبديّـةِ خَلقاً بعد آخر.

و بعيداً عن الشاعر و قارئيه الصَفوة ، يجيءُ النقدُ المنهجيّ اليابس الناشف كطَعم الجفاف في أفواه الصائمين ؛ يجيءُ ليشرحَ ما يُحَسُّ ، و ليُبيّنَ مايسطعُ ، و ليوضّحَ ما يبزغ ، أو ليستهجن ما يُعيب لخِلّة واضحة.

 إنّي لأَعجَبُ من عملية النقد الأكاديميّ المُبستر الذي يهرولُ إلى النَصِّ مُتسلِّحاً بمشارطهِ و سكاكينِهِ و مباضعهِ ليهرسَ لحمَهُ و يفريَ كُليَتيه!   ما فائدتها؟

إنَّ أسوأ ما في مدارس النقد منهجيّتها ؛ فكيف تحاولُ أن تطبقَّ منهاجاً على نصٍّ شعريٍّ هو أشبهُ بغابةٍ ملضومةٍ أغصاناً متشابكة رأساً و قاعاً ، لا طريق بها يبتدي أو يودي؟!

لا نهجَ للقصيدة ، فليس من مهمّاتها أن تصل بكَ إلى أيّ أين ؛ و ليس في نواياها غير أن تدهشك و تصعقك و تترك لك الأختيار في كيف تتفحَّم.

ثمَّ ما الذي ينفعُ في تشريح قوامها الجميل ، أو القبيح؟ فالجمالُ بيِّنٌ و القُبحُ بيّن ؛ هل أحتاجُ إلى من يخبرني عن النَسغ لأؤمنَ أنَّ ما أراهُ شجرة يانعة ، أو عن السوس الذي ينخرُ ليُؤكِّدَ لي أنَّ ما أراهُ هو عجزُ نخلٍ مُنقَعِر ؟!

إنَّ قراءة كتاب نقديّ مهمَّة عسيرة و شاقة بالنسبة لي ، و لطالما تمتمتُ لنفسي و أنا أهمُّ بقراءة كتاب نقديٍّ : سيُرهقني صعودا ...

لذلك أقولُ ، أنَّ أحسنَ من يحتفي بالشعر همُ الشعراءُ الحقيقيون ، ثم القرّاء النادرون ، الذين أُسمّيهم شعراء التلقّي.

يُقيّمُ الأطبّاءَ أطبّاءٌ مثلهم ، و المهندسين مهندسون مثلهم ، و هكذا في كلّ اختصاص ، فلماذا حين يرتبط الأمرُ بالشعر ذي الدهشة و البرق ، يقيّمُ جودَتَهُ من هو في الدهشةِ بلاهَتُها ، و في البرق خُلَّبُهُ ؟!


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *