العقيد بن دحو
أورفيوس الأسطورة الرجل الذي بكى زوجته دما
لقد أوحت الألهة
اليونانية الى الأغارقة و الى الأغريق ان اورفيوس الفتى الجميل لن يشترد زوجته من
( هيديز) مملكة الأموات إلا اذا توقف عن البكاء و النواح عليها , و انه بإمكانه ان
يستردها الى حياته الدنيا شريطة اللا يلتفت اليها , و لكنه في منتصف الطريق فشل و
قتل بدوره .
من اليوم يبكي زوجته حية او ميتة , الواقع المر
يوشك ان يظهر لنا الوجه المؤلم من حياتنا الإجتماعية . فلا المرأة ضات تمثل
نضف المجتمع و لا الرجل كذلك.
فالمعركة مبيتة سلفا , حتى قبل ان يتعارف
الزوجين , و حتى اذا ما تزوجا اندلعت على هامش حرب داخلية تستخدم فيها شتى انواع
الخطط و انواع الأسلحة , سرعان ما تطفوا على السطح و تتسع من الدائرة النووية
المصغرة الى الدائرة الكبرى , و من العائلة الصغرى الى العالة الكبرى.
اورفيوس ولو انها اسطورة يتهيأ للعديد من انصاف
المتعلمين و من اشباه المثقفين ان لا غناء فيها , و انها مجرد حلم جمعي لمجتمع ما بالزمكان و الحدث ايضا .
صحيح هي مجرد
أسطورة او خرافة , لكنها شبيهة بالتاريخ كما يقول (مالرو) .و بين التاريخ و
الشبيه التاريخ تمتة تكمن مشكلة بناء
حضارة عند أم من الأمم. و ما ادرام ما الأمة الأغريقية الضاربة جذورها اعماق ما
قبل التاريخ / ما قبل الميلاد .
و حتى ان كان البكاء او النواح صفة نسائية على
الأغلب ’ إلا ان العواطق الضادقة و الأوجش النبيلة لا تعرف الفروقات الفردية و لا
العرقية و لا الجنسية و لا حتى البيئية . لذا ترى الأغريق تولي اهمية للبكاء و
النواح اكثر من اي قيمة اخرى انسانية , كونها كتعلقة بما يسمى ( بالكاتيرسيز) او
التطهير او التكفير من ادران انفعالات النفس , تختصرها اكثر الدراما التراجيدية او
المأساة اليونانية الكلاسيكية الأرسطية.
أورفيوس نموذجا الباكي
الشاكي الذي قتلته دموعه , آهاته , أناته على زوجته , و هي تدفن تحت الأرض ,
بمملكة الأموات , و لكن استطاعت دموعه و نواحه و نحيبه ان تسترد زوجه , لكن شوقه و اشتياقه و عيناه
خدعته و التفت اليها , و بالتالي التحق بها الى هديز.
*** هديز / مملكة الأموات تحت الأرض , كون
الأغريق و الحضارة الأغريقية كانت دائما تعتقد
بوجود حياة أخرى تحت الأرض للأموات , و انهم بإمكانهم التواضل مع الأحياء
فوق الأرض.